الأحد، 13 نوفمبر 2016

سجل ايها الكاتب بقلم وليد العايش

( سَجّلْ أيُّها الكاتب )
_________
سَجّلْ أيُّها الكاتب 
في دفاترِكَ 
بِحبّرِكَ الأسود 
بأنّي منْ رَحْمِ درويشَ وُلِدْتُ
وبأنَي منْ أُمّةٍ لمْ تعترف يوماً
بالكذبِ قانوناً لها
أُدَوّنُ كلّ أناشيدي
وأُغنيتي اليتيمة
بِحبّرِكَ السريِّ
وحَبْلِكَ السريِّ
ليسَ لأنني أخشاكَ
أو أخشى ما قالهُ بعض البُغاة
بلْ لأنّني أرفعُ رايتي
على شِغافِ قاسيونَ
وأنسُجَ في حدائقِ بابلَ
نشيداً مُطرّزاً بِدَمي
فهلَّا كَتَبْتَ أيُّها الكاتب
سَجّلْ بأولِ سطرٍ
منْ جَداوِلكَ
بأنَّ الكونَ مُلْكَ يدي
والسماء تنحني خَجلاً
أمامَ جُعبتي الملآى
بياسمينِ الشام ...
سلتي تعجّ بتمورِ حِجازِكَ
وبأنَني لا أحني هامتي
بِحضْرَةِ فرعونْ ...
مهما قُلْتَ أيُّها الكاتب
فهامتي أنقى منْ حِجارةٍ صمّاء
في تدمر ذاكَ المساء
اِلتقيتُ بِبعضِ السادةِ
زنوبيا كانتْ هُناكَ
قبلَ لقائيْ أدّتْ سَجْدَةً لله
ورَحّبتْ بعدما عرفتْ
بأنَّني حملتُ لها هدية
رقْصةً شرقيّة ...
ذَرَفتْ دِماءَها
عندما غادرتُ
وانْسَحَبتْ بِلا سبب
وهلْ يحتاجُ تبريراً السادةَ النُجُبِ
سَجّلْ أيُّها الكاتب
في بيروت شرِبتُ نَخْبَ الصخرتين
وقِمّةَ الجبلِ ...
زُرتُ كلّ مَنْ هاجر
وكُلّ مَنْ سافر
أطلقتُ رصاصتي
كانتْ جعُبتي للتوِّ فارغة
وفي نَجْدٍ ... جذوةُ سبأ
سَبَيتُ بلقيسَ
قَبّلتُها قَبْلَ سُليمانَ
قُبّلَةَ أخٍ عربي
ترنّحتْ بلقيسُ
قبلَ الرحيلِ ...
تركَتْ رِسالتَها الأخيرة
وفي الحِجازِ لُمْلّمتُ
بقايا سيوف داحسَ والغبراء
قرأتُ ترتيلةً عصماء
وارتحلتْ سجلاتي
سَجّلْ أيُّها الكاتب
في دفترٍ ثاني
أعْلَمْ بِأنَّكَ كاذبْ
هويّة يافعٍ يمتطي أمانيه
في ضِرعٍ ... وفي الثقلين
في زمنِ السكون ...
لم يعرف الصمت
أو الحزن ...
فليسمَعْ مَنْ لهُ أُذنين
وليرَ مَنْ يملِكُ عينين
ولهُ في حُفرةٍ شفتين
بأنّي شامخٌ ... لا يخنعْ
فَهلْ تسمعْ ...
سَجّلْ أيُّها الكاتب
في سطرِكَ الأخرَ والأخيرْ
بأنّ هُنا تُراثُ أجدادي
ومقصلتي ... ومحبرتي
أكونُ هُنا ... أو لا أكون
سَجّلْ في دفاترِكَ
بأنّي منْ رَحمِ درويشَ وُلِدْتُ
بِحبّرِكَ الأحمرِ السريّ
وأنّي منْ أُمّةِ السادة
التي لا تعرِفُ الكَذِبَ
كما أنتَ ...
أيُّها الكاذب ... أيُّها الكاتب
__________
وليد.ع.العايش
13/11/2016م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق