الاثنين، 8 أبريل 2019

ملحمةُ الحُبِّ و الحَرب // بقلم المبدعه // الشاعرة سعیدة باش طبجي

ملحمةُ الحُبِّ و الحَرب***
مَتی تُری کَونُنا بالحُبّ یَعترِفُ
و شِرعةَ الأمنِ و الإیمانِ یَحتَرِفُ؟
متی تُرَی وَطني یَومًا سیَنفَحُني
ظِلّا ظَلیلا سَداهُ السِّلمُ و الشَّرَفُ
متَی تراني بِفَيء الحرفِ عابقةً
و مِن ثُغورِ القوافِي الشّهدَ أرتشِفُ
مِن أینَ یأتیکَ هذا الحِقدُ یا وَطنًا
کُنّا غِلالاتِ حُبٍّ فِیهِ نَلتَحِفُ؟
أضحَی السَّلامُ برَبع الظُّلمِ مُنتَحِرًا
و المَوتُ مِن نبضَةِ الأطفالِ یَغترِفُ
عَلی زُنُودِ الرَّدَی نامَت طُفُولتُنا
و في کُفوفِ الطّوی قد لَفّها العَجَفُ
أحلامُنا بمُدَی الطُّغیان قد ثُلِمَت
و الظُّلمُ مُکتمِلٌ و العَدلُ مُنتَصِفُ
والعَتمُ عَرَّشَ فِي شُبّاکِ نَخوَتِنا
و لَونُ قوسِ الأسَی فِي دَمِّنا نَزفُ
هَذا زَمانٌ بلا طَعمٍ و لا عَبَقٍ
بَل طَعمُه الصَّابُ و الغِسلِینُ و الجِیَفُ
مِن ثُلمةِ البَابِ والشُّبّاکِ تَرصُدُنا
عَینُ القَذَی و الهَوی فِي نَبضِنا دَنِفُ
و الحُبُّ بُهرةُ باءٍ باللَّظَی احتَرقَت
و حَاٶُهُ لفَّها مِن حُزنِها القَرَفُ
و القُدسُ تَدمَی و أعناقُ المُنَی ذُبحَت
و کُلُّ شِبرٍ بأرضِ العُربِ یَرتجِفُ
و هَذه "القِمَّةُ" العَرجَاءُ تَمضُغُنا
تَقتاتُ مِن دَمِنا و الدَّمعَ تَرتشِفُ
سُقمٌ و عُقمٌ و أحلامٌ مُحَنَّطةٌ
و في دُروبِ الأذی قَد أُجهِضَ الهَدَفُ
و تاهَ فِي عَتمِها فِکرُ الأریبِ سُدًی
و احتَارت الکُتبُ و الأشعارُ و الصُّحفُ
أنا العَلیلُ المُسَجَّی لا سِلاحَ لهُ
إلَّا حُرُوفٌ عِجَافٌ شَفّها الأسَفُ
تَرتادُني في ضَیاعِ الرُّوحِ أسٸِلةٌ
أصُوغُها و وَریدِي بالجَوَی نَزِفُ:
لِمَن سَأکتُبُ و الألبابُ مُقفَلةٌ ؟
في قَبوِ خَیبَتِها قد أعتَمَت نُجُفُ
لِمَن؟ لِمَن؟ و قَوافي الشِّعرِ أرمَلةٌ
ثَکلَی و أحلَامُها في رَمسِها نُتَفُ
في النّومِ نَحلُم بالأوطانِ سامِقةً
و إن أفَقنَا تلقَّی حُلمَنا التَّلفُ
في الحُلمِ نَسرَحُ في أفیاءِ صَبوَتِنا
و إن أفَقنا تهاوَی العِشقُ وَ اللَّهَفُ
یا نبضَ قَلبٍ شَفِیفٍ ناضحٍ ألمًا
یَهمي سَلامًا عَلَی مَن شَفّهُ العَجفُ
یَا غَیمةً و رُبوعُ السِّلمِ قاحِلةٌ
صُبِّي هُطُولًا لَعَلَّ الجَدبَ یَنجَرِفُ
یَا نَجمةً في ظَلامِ الظُّلمِ سَاطعةً
شُقّي القَتامَ لَعَلّ العَتمَ یَنکَسِفُ
یا جَمرةَ النّارِ رُجِّي بَردَ جَذوتِنَا
لعَلّنَا عَن رُبوعِ الذُّلِّ نَنصَرِفُ
یا لَیلَ هذا الأسَی حَتّامَ تَمضُغُنا؟
یَا کُلّ أوصَابِنا حَتّامَ نَزدَلِفُ؟
مَتی تُرَی لَیلُ هذا الجَورِ یَهجُرنا؟
فینتَشِي النّبضُ و الأعتَامُ تَنکشِفُ
لَو یَعلمُ الشِّعرُ ما یَسرِي بأورِدتي
ذَابت حُروفي جوًی و انهدَّت الألِفُ
لَو یَعلَمُ الجَمرُ مَا أصلَاهُ من لَهبٍ
ألقَی بِبردِ سَلامٍ فِیهِ نَلتَحِفُ
لَو أنّ هَارُوتَ یَدري مَا نُکابدُهُ
ألقَی بسِحرٍ فیَمحُو ذلَّنَا الشّرَفُ
هَذي حُروفي سُیوفٌ في الوَغی ...أَسَلٌ
فالنّبضُ رُمحِي و دِرعِي في الجَوَی شَغَفُ
و في سِلَالِ الشَّذَا نَضَّدتُها حِزَمًا
قَد ضمَّخَتها عَبیرًا في الهوَی قُطُفُ
ترُومُ کَونًا ببُردِ العِزِّ مُدَّثِرًا
لا یعتَریهِ الأذَی و الذُّلُّ و الوَجَفُ
حتَّی و لَو نُصِبَت للسِّلمِ مِقصَلةٌ
و أُهرِقَ الدَّمُّ حتَّی التَاعَت الرُّصُفُ
حتَّی و لو سَافرت أحلَامُنا مِزقًا
في حَقلِ قُنبلةٍ و اغتالَها التّلفُ
و مُزّقَت بمُدَی الطُّغیانِ فانتَثَرت
عَلی دُروب الرّدَی من لَحمِها نُتَفُ
لَسَوفَ تبقَی بِفَيء الحُبِّ سُنبُلةً
جَذلَی و خَصلاتُها للنُّورِ تَلتَهفُ
هَیّا تَعالَوا نَصُغ للسِّلمِ مَلحَمَةً
فِي حِضنِ مَن رَضَعوا حُبّا ومَااختَلفُوا
و فَوق هَامِ الرُّبَی نَسمُو بنَخوَتِنا
فینتَشِي فِي ذُرَی أنوَارِها الطّرَفُ
إلی مَرَافي الهَوَی و السِّلمِ تَحمِلُنا
فلَا یَجُولُ بِبَحرِ الحُبِّ مُنحَرِفُ
لَولاکَ یا وَطني ما کُنتُ شاعِرةً
و لا بِبَحرِي زهَا المَرجَانُ و الصَّدَفُ
و فِي حِماکَ بِرَغمِ الضَّیمِ فِي خَلَدي
بِمَعبدِ العِشقِ و الأشعارِ أعتَکفُ./.
(سعیدة باش طبجي **تونس)

هناك 3 تعليقات: