لغتنا الجميلة
البحث العاشر
في الشعر و الأوزان الشعرية
في البديهة و الارتجال :
يعتبر الكثير من أهل الصناعة أن البديهة هي الارتجال و ليست به ،. لأن البديهة فيها الفكرة و التأيد.
و الارتجال ما كان انهمارا و تدفقا ، لا يتوقف فيه قائله.
فالارتجال :
و هو ما وقع للفرزدق ، و قد دفع اليه سليمان بن عبدالملك ، أسيرا روميا ليقتله ، فدفع احدهم اليه سيفا كهاما فنبا في يده ، فضحك سليمان ، فقال مرتجلا و يعير بني عبس بنبو سيف ورقاء بن قيس برأس خالد بن جعفر :
فان يك سيف خان أو قدرٌ أبى ... لتأخير نفس حينها غير شاهد
فسيف بني عبس و قد ضربوا به ... نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد
كذاك سيوف الهند تنبو ظباتها ... و يقطعن أحيانا مناط القلائد
و لو شئت قط السيف ما بين أنفه ... الى علق دون الشراسيف جاسد
ثم جلس و هو يقول :
و لا نقتل الأسرى و لكن نفكهم ... اذا أثقل الأعناق حمل المغارم
و كالذي يروى عن أبي الخطاب عمرو بن عامر السعدي الملقب بأبي الأسد ، و قد انشد موسى الهادي شعرا مدحه به يقول فيه :
يا خير من عقدت كفاه حجزته ... و خير من قلدته أمرها مضر
فقال له موسى : الا .. من يا بائس ! فقال واصلا كلامه و لم يقطعه :
الا النبي رسول الله ان له ... فخرا ، و أنت بذاك الفخر تفتخر
ففطن موسى و من كان بحضرته أن البيت مستدرك ، و نظروا في الصحيفة فلم يجدوه ، فضاعف صلته
و كان أبو نواس سريع البديهة و الارتجال , و يقال ان أبا نواس لما وفد على الخصيب قال له ممازحا و هما بالمسجد الجامع : أنت غير مدافع في الشعر ، و لكنك لا تخطب . فقام من فوره يقول مرتجلا :
منحتكمو يا أهل مصر نصيحتي ... ألا فخذوا من ناصح بنصيب
رماكم أمير المؤمنين بحية ... أكولٍ لحيات البلاد شروب
فان يك باقي سحر فرعون فيكم ... فان عصا موسى بكف خصيب
ثم التفت اليه و قال: و الله لا يأتي بمثلها خطيب مصقع ، فكيف رأيت .؟ فاعتذر له و أنه ما كان الا مازحا .
و نذكر في هذا المجال أبا الطيب أمام سيف الدولة عندما كان ينشد قصيدته " وا حر قلباه ممن قلبه شبم " و لما رماه سيف الدولة بدواة كانت في يده فارتجل هذا البيت :
ان كان سركم ما قال حاسدنا ... فما لجرح اذا أرضاكم ألم
و يقال ان مسلم بن الوليد ( صريع الغواني ) ، هو نظير أبي نواس ، لا يبتدِه و لا يرتجل الا أن أبا نواس قهره بالبديهة و الارتجال .
......
خالد ع .خبازة
اللاذقية
من كتاب العمدة لابن رشيق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق