الثلاثاء، 9 أغسطس 2016

نافذة على كتب التراث بقلم الاستاذ خالد خبازة

نافذة ..
على كتب التراث
أثر الشعر و تأثيره في حياة العرب قديما
و نصائح للشاعر و الناثر ..
قد يمتنع الشعر على قائله ، و لا يسلس حتى يبعثه خاطر يطربه ، أو صوت حمامة .
قال الفرزدق :
أنا أشعر الناس عند اليأس ، و قد يأتي علي الحين ، و قلع ضرس عندي ، أهون من قول بيت من الشعر .
و قال الراجز :
انما الشعر بناء ... يبتنيه المبتنونا
فاذا ما نسقوه ... كان غثا أو سمينا
ربما واتاك حينا ... ثم يستصعب حينا
و أساس ما يكون الشعر في أول الليل قبل الكرى ، و أول النهار قبل الغداء ، و عند مفاجأة النفس و اجتماع الفكر . و أقوى ما يكون الشعر عندي على قدر قوة أسباب الرغبة أو الرهبة .
قيل للخريمي :
ما بال مدائحك لمحمد بن منصور بن زياد ، أحسن من مراثيك ؟ . قال :
كنا حينئذ نعمل على الرجاء ، و نحن اليوم نعمل على الوفاء ، و بينهما بون بعيد .
و الدليل على صحة هذا المعنى ، و صدق هذا القياس ، أن كثير عزة ، و الكميت بن زيد كانا شيعيين غاليين في التشيع ، و كانت مدائحهما في بني أمية أشرف و أجود منها في بني هاشم . و ما لذلك علة الا قوة أسباب الطمع .
و قيل لكثير عزة :
يا أبا صخر ! . كيف تصنع اذا عسر عليك الشعر ؟ . قال :
أطوف في الرّباع المحيلة ، و الرياض المعشبة ، فان نفرت عنك القوافي ، و أعيت عليك المعاني ، فروّح قلبك ، و أجم ذهنك ، و ارتصد لقولك فراغ بالك و سعة ذهنك . فانك تجد في تلك الساعة ما يمتنع عليك يومك الأطول ، و ليلك الأجمع .
قال بلال بن جرير سألت أبي جريرا ، فقلت له :
انك لم تهج قوما قط ، الا وضعتهم ، غير بني لجأ ؟ . قال :
يا بني ! . اني لم أجد شرفا فأضعه ، و لا بناء فأهدمه . و قد يكون الشيء مدحا فيجعله الشعر ذما ، و يكون ذما فيجعله الشعر مدحا .
قال حبيب الطائي " أبو تمام " في هذا المعنى :
و لولا خلال سنها الشعر ما درى ... بغاة الندى من أين تؤتى المكارم
ترى حكمة ما فيه وهو فكاهة ... و يقضى بما يقضى به ، و هو ظالم
ألا ترى الى بني عبد المدان الحارثيين ، كانوا يفخرون بطول أجسامهم ، و قديم شرفهم ، حتى قال فيهم حسان بن ثابت :
لا باس بالقوم من طول و من غلظ ... جسم البغال و أحلام العصافير
فقالوا له : و الله يا أبا الوليد ، لقد تركتنا و نحن نستحي من ذكر أجسامنا بعد أن كنا نفخر بها . فقال لهم :
سأصلح منكم ما أفسدت . فقال فيهم :
و قد كنا نقول اذا رأينا ... لذي جسم يُعد و ذي بيان
كأنك أيها المعطى لسانا ... و جسما من بني عبدالمدان
...
بنو أنف الناقة
و كان بنو حنظلة بن قريع بن عوف بن كعب ، يقال لهم : بنو انف الناقة ، يسبّون بهذا الأسم في الجاهلية . ( و سبب ذلك أن أباهم نحر جزرورا ، و قسم اللحم ، فجاء حنظلة ، و قد فرغ اللحم ، و بقي الراس ، و كان صبيا ، فجعل يجره ، فقيل له : ما هذا ؟ فقال : أنف الناقة . فلقب به ، و كانوا يغضبون منه ) حتى قال فيهم الحطيئة :
سيري أمامَ فان الأكثرين حصى ... و الأكرمين اذا ما ينسون أبا
قوم هم الأنف ، و الأذناب غيرهم ... و من يسوّي بأنف الناقة الذنبا
فعاد هذا الاسم فخرا لهم ، و شرفا فيهم .
و كان يقال أن الواحد منهم ، كان يترك عشيرته و يتسمى باخرى ، خجلا من اسم قبيلته ، الا أنه بعد شعر الحطيئة ، أصبح الآخرون يريدون الانتساب اليهم .
......
و كان بنو نمير أشراف قيس و ذؤابتها ، حتى قال جرير فيهم :
فغض الطرف انك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا
فما بقي نميري الا طأطأ رأسه . حتى أن حبيب الطائي ( أبا تمام ) ضرب المثل بضعة بني نمير بعد شعر جرير . قال :
فسوف يريكم ضعة هجائي ... كما وضع الهجاء بني نمير
......
من مجموعة من كتب التراث العربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق