(لا أراني عشتُ يوماً غير يوم الشّعراء)
لَمْ يَزلْ مِنكَ إنائي… خالياً في الإمْتلاءِ
ظَمَئي يا ماءُ أنّي… فيكَ لا أُدْرِكُ مائي
...
ظَمَئي يأسيَ مِنّي… و أنا مِلْءُ رِدائي
مِلْءُ عيْنَيَّ و لكِنّي ضَياعٌ في دِمائي
فاقِدٌ نفْسيَ إلّا… في مَسافاتِ العَناءِ
يائسٌ مِنّي و مِن أيِّ رَجاءٍ باللّقاءِ
فالرّجا أصبحَ معروفاً بأخلاقِ الرّياءِ
صارَ ما أرحمَ يأسي… بيَ مِن كِذْبِ الرّجاءِ
إنّ دائي لَمْ يكنْ أكبرَ مِن غِشِّ الدّواءِ
و أنيني لَمْ يكنْ أعظمَ مِن زَيْفِ الغِناءِ
آهِ مِن وهْميَ في أنّي على قيْدِ البّقاءِ
و أنا صَفْحةُ أنْباءِ شُعوري بانْتهائي
برَحيلي حامِلاً أثارَ جِسْمي و بِنائي
برَحِيلي تارِكاً عُمْريَ للحُزْنِ وَرائي
للبُكاءِ المُرِّ و التّفْتيشِ عنّي في البُكاءِ
و نِدائي و انْسِدادِ الكَوْنِ في وجِهِ النّداءِ
و أنا في دَفْتَرِ القَتْلى و لَوْحِ الشُّهداءِ
آهِ مِنّي آهِ مِن تصْديقِ أخْبارِ الهَواءِ
أنّني حَيٌّ،،و في جنْبيَّ دِيوانُ العَزاءِ
و على صَمْتيَ يتْلو الصّمْتُ أبْياتَ الرّثاءِ
إنّني أشعُرُ إنْ كَذّبتُ مَوْتي بالحَياءِ
و أنا دُونَ الصّباحاتِ خيالٌ للمَساءِ
لا أراني عِشْتُ يوماً… غيرَ يومِ الشُّعراءِ
لا أراني فيَّ إلّا… بِعُيونِ الثُّلاثاءِ
في ظِلالٍ لنَبِيٍّ… زاخرٍ بالأنْبياءِ
بأنِينِ الأنْبيا مِنْ… و على أهْلِ الشّقاءِ
بتِلاواتِ النّدى و النّورِ آياتِ النّقاءِ
بينَ أنْداءِ المقالحَ شَدْوِ كُلِّ الأبْرِياءِ
هُوَ يعني آخرَ الأوتارِ في عُودِ السّماءِ
إنّهُ آخرُ ما للأرضِ مِنْ ظِلٍّ و ماءِ
مِن حُروفٍ تحمِلُ البَحْرَ على وجْهِ العَراءِ
مِن سِجالٍ بيْنها و "الرّوحِ" في كُلِّ فَضاءِ
إنّهُ آخرُ جُزْءٍ مِن كِتابِ البُسَطاءِ
و كِتابِ البَلدِ المَعْصُومِ مِن أيِّ وَباءِ
و هُنا أشعُرُ في تكْذِيبِ عَيْشي بالحَياءِ
و أنا أحْيَى قُروناً في مَساءِ الثُّلاثاءِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق