الأربعاء، 13 فبراير 2019

معلقة على دماء الموصل // بقلم المبدع // الشاعر عمار العمري

قصيدتي (مُعَلَّقَةُ على دماء المَوصِلْ) كاملة ، وهي القصيدة التي حمل ديواني الصادر قبل شهرين تقريبا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، عنوانها ، ورغم طول القصيدة الا ان الماساة اكبر بكثير :
( مُعَلَّقَةُ على دماء المَوصِلْ )
عُودِيْ ، عَسَاكِ بِخَيْرٍ ، أَيُّها الفَلَقُ (1)
مِنْ وَجْنَةِ البَدْرِ مَجْزُوءٌ وَمُنْفَلِقُ
زِنْزانَةُ الصَبْرِ مَأْزُومٌ بِهَا نَفَسِيْ
وَالرُوحُ ثَكْلَىْ ، وَجَوفُ الصَدرِ مُنْطَبِقُ
والمَوتُ خَمْرِيَ والجُلَّاسُ أَضْرِحَةٌ
وَالزَادُ عُمْريْ ، وَبَابُ النُورِ مُنْغَلِقُ
تِيْهِيْ بِغَيِّكِ مَا أَسدَى الغُرُورُ يَداً
قَد خَابَ ظَنُّكِ وَاستَشْرى بِكِ النَزَقُ
مَا كُنْتُ غَيْرِيَ مِمَّنْ بِالصُدُودِ عَنَا (2)
يَومَاً ، ولا بِجَحِيْمِ الحُبِّ يَحتَرِقُ
إِنِّيْ المُسَافِرُ مَا رَدَّتْنيْ بَارِحَةٌ (3)
بَيْنَ النِسَاءِ وَلا سُدَّتْ بِيَ الطُرُقُ
مَا ذَلَّنِيْ البَحرُ أوَ أَثْنَتْنِيْ عَاصِفَةٌ
كَيْ تَركَبِيْهِ ، وَلا أَودَىْ بِيَ الغَرَقُ
عُودِيْ لِقَلْبِيَ وَانثَالِيْ بِأَورِدَتِيْ (4)
وَاسْتَدرِجِيْنِيْ بِثَغْرٍ مَسَّهُ الشَفَقُ
وَلْتَرسُمِيْنِيْ عَلَىْ نَهْدَيْكِ أُمْنِيَةً
وَلْتُنْصِفِيْنِي إِذَا مَا هَزَّنِي الشَبَقُ (5)
أَنْسَانِيْ بُعدُكِ شَوقاً هَائِلاً بِدَمِيْ
وَهَالَ قَلْبِي عَلَيْكِ الظَنُّ والقَلَقُ (6)
هَالَاتُ طَيفِكِ أَقْمَارٌ تُوَاعِدُنِيْ
إِنْ هَلَّ وَجْهُكِ ، أَوْ أَضْنَانِيَ الأَرَقُ
إِنْ كَانَ يُرضِي غُروراً فِيْكِ أَنْ تَجِدِيْ
سِحرَ القَصِيْدَةِ مِنْ عَيْنَيْكِ يَنْطَلِقُ
إِنِّيْ أَقُولُ وَصَوتُ الشِعرِ فِيْكِ يَدٌ
طَوَّالَةُ النَجْمِ بِالعَلْيَاءِ تَنْعَتِقُ (7)
أَلوَانُ عَيْنِكِ قَد تَاهَتْ بِهَا لُغَتِيْ
تِيْهَ الفَرَاشَةِ بِالأَنْوَارِ تَحتَرِقُ
لَا تَتْرُكِيْنيْ وَحِيْدَاً فِيْكِ مُنْكَسِرِاً
وَغَازِلِينِيْ بِثَغْرٍ صَاغَهُ الأَنَقُ
لَا تَصمُتِيْ فَذَلِيْلُ الصَمْتِ يَقْتُلُنِيْ
آهَاتُ صَمْتِكِ دَمْعٌ نَاطِقٌ دَبِقُ
إِنْ غِبْتِ أَو خَفَتَتْ أَصوَاتُكِ وَهَنَاً
ما تُهتُ عَنكِ فَأَنْتِ الدَربُ والأُفُقُ
***
ضُمِّي جِرَاحَكِ ، يَزهُو فَوقَها الأَلَقُ
كَفَاكِ إِيلامَ مَنْ هَامُوا وَمَنْ عَشِقُوا
ضُمِّي عَلى سَرَبٍ مَا انْفَكَ هَادِرُهُ (8)
مَوتُورَ ثَأْرٍ كَمَا الإِعصَارُ يَنْدَفِقُ
ضُمِّي جِرَاحَكِ لا تَرجِ الأُلى ظَلَمُوا
لا يُنْصِفُ الجُرحَ مَنْ بِالجُرحِ يَرْتَزِقُ
لا يَرحَمُ الضَبْعُ مَا قَدَّتْ بَرَاثِنُهُ
بَلْ يَزْدَرِدهُ وَتَكسو نَابَهُ المِزَقُ
إِنْ يَرجُ جُرحُكِ أَنْصَافَ الرِجَالِ ، فَلَا ،
لَنْ يُنْصِفُوهُ ، إِذَا أَوفَى لَهُ العَلَقُ (9)
لا تَركُنيْ لِخِيَامٍ ظِلُّها فَزَعٌ
لا تَأْمَنِيْ لِبُحُورٍ وَعدُها غَرَقُ
لَا تأْمَلِيْ فَسَمَاءُ العَدلِ قَد سَقَطَتْ
مَاتَ الضَمِيْرُ وَغَابَ الحَقُّ والخُلُقُ
ضُمِّي النَزِيْفَ كَمَعشُوقٍ يَضُمُّ هَوَىً
أَفْواهُ نَزْفِكِ حُبٌ صَادِقٌ غَدِقُ
العِطرُ يَنْضَحُ عَنْ وَردٍ بِآنِيَةٍ
وَمِنْ دِنَانِهِ نَزَّ الخَلُّ وَالعَرَقُ
فَنَبْعُ جُرحِكِ بِئْرٌ أَصلُهَا عَدَنٌ
وَالكَوثَرُ الوَعدُ نَحوَ النَزْفِ يَنْفَلِقُ
قَد كُنْتِ رَحْبَ سَمَاءِ العَاشِقِيْنَ مَدَىً
وَاغتَالَ أُفْقَكِ فِيْ أَهْوَالِهِ الغَسَقُ
***
صِلِيْ النَزِيْفَ بِوَهْجِ الأَمسِ وانْتَفِضِيْ
يا نَجْمَةً بِجَبِيْنِ الفَجْرِ تَأْتَلِقُ
يَا واحَةَ الدَهْرِ إِنْ أضْنَى بِهِ عَطَشٌ
وَحاصَرَتْهُ سَمُومُ الحِقْدِ والحَنَقُ
تَيَّاهَةُ الجُودِ لا فَخْرٌ ولا شَمَمٌ
فِيْ دُجْنَةِ التِيْهِ أَمَّتْ نَارَهَا الطُرُقُ (10)
مَوهُوبَةٌ بِسَخَاءِ البَذْلِ إِنْ قُصِدَتْ
وَهَّابَةُ الفَضْلِ بِالأِيْثَارِ تَسْتَبِقُ
قَالَ الزَمَانُ بِفَيٍّ مِنْ حَوادِثِها (11)
وَحَدَّثَتْ سِفْرَهَا الأَفْوَاهُ وَالحَدَقُ
آشورُ لَقَّحَ بِالأَمْجَادِ مَيْسَمَها
وَحَمْلُ دِجلَةَ فِيْها الغَارُ وَالحَبَقُ
يا صَحوَةَ الشَمْسِ مِنْ أَحضَانِ دَاجِيَةٍ
يَا نُطفَةَ النُورِ بِالأَفْلاكِ تَعتَلِقُ
يِا قَامَةَ الجَاهِ والأَحسَابُ مِئْزَرُها
يَا مَوطِنَ العِزِّ إنْ حَجَّتْ بِهِ الفِرَقُ
رَأْسُ العِرَاقِ إِذَا مَا القارِعَاتُ دَنَتْ
يَا مَوصِلاً كَسِيُوفِ الحَقِّ تُمْتَشَقُ
إِنَّيْ اعتَمَدتُكِ دَارَاً لا بَدِيْلَ لَهَا ،
حِيْنَاً ، وَجَوفكِ بَعدَ الحَيْنِ لِيْ طَبَقُ (12)
***
أُمُّ الرَبِيْعَيْنِ كَمْ مِنْ عَاشِقٍ لَهُمَا
طَيَّ الجَوانِحِ إِنْ نَادَيْتِ يَنْطَلِقُ
يَلْهُو وَيَمْرَحُ في قَلْبِيْ وَفيْ رِئَتِيْ
لَهْوَ الدِمَاءِ ، وأَنْفَاسٍ بِها الرَمَقُ
يَا لَذَّةَ الشَوقِ فِيْ لُقْيَاكِ يَغْمُرُنِيْ
يَا مُسْتَجَمَّ هُمُومِيْ حِيْنَ تَنْعَتِقُ
إِنِّي انْتَخَبْتُكِ صِنْفَاً غَالِيَاً لِدَمِيْ
حِيْنَ ادِّكَارِكِ بالشِريَانِ يَنْغَدِقُ (13)
حَيْثُ المَنَافِيْ عَلَى ذِكْرَاكِ تَخْنُقُنِيْ
يُحيِ احتِضَارِيْ وبِالنَبْضَاتِ يَعتَنِقُ
قَانٍ يَشُقُّ جَبِيْنَ الفَجْرِ فِيْ أَمَلِيْ
مِثْلَ الشَقَائِقِ فِيْ خَدَّيكِ تَنْبَثِقُ
يَصحُ الفُؤادُ بِهِ منْ كُلِّ غَاشِيَةٍ (14)
كَصَحوَةِ الشَيْخِ إِذْ نَادى بِهِ الشَبَقُ (15)
يَروِي العُروقَ إِذَا مَا كُنْتِ فِيْ تَرَفٍ
إِمَّا عَطَشْتِ عَلَى الأَقْدَامِ يَنْهَرِقُ
***
مِالِيْ أُكَذِّبُ فِي نَفسيْ وفِيْ قَلَمِيْ
طَعنَ الخَناجِرِ فِي جَنْبَيْكِ تَخْتَرِقُ
مَالِيْ اُغَالِبُ فِيْ صَحوِيْ وَفِيْ خَدَرِيْ
نَوحَ المَنائِرِ فِيْ صَوبَيْكِ تَحتَرِقُ
وَالثَاكِلَاتِ كُبُودَاً رَاحَ يَطمُرُهَا
جَهْلُ المَكَانِ ، إِذَا مَا أَنْصَفَ الوَشَقُ (16)
والفَاقِدَاتِ بُعولاً مِنْ مَحَاجِرِهَا (17)
المُعوِلَاتِ عَلَى الأَجْدَاثِ تَنْفَلِقُ (18)
الحَائِرَاتِ بِأَيْتَامٍ بِلا سَنَدٍ
القَاطِنَاتِ خِيَامَاً سِتْرُهَا وَرَقُ
مَا بَالُ شِعرِيَ مِنْ سُكْرٍ وَمِنْ شَجَنٍ
يَنْحَازُ مِثْلَ نَعَامٍ هَزَّهُ الفَرَقُ (19)
وَمَا عَهِدتُ بِقَلْبِيْ قَيْدَ أُنْمُلَةٍ
مِنَ المَخَاوِفِ ، مَا دَانَتْ لَها الفِرَقُ
لَكِنَّ حُبُّكِ يَأْبَى أَنْ أُصَدِّقَ مَا
يَنْعَى النُعَاةُ ، وَمَا ابْيَضَّتْ بِهِ الحَدَقُ
عَنْ أَنَّ حَاضِنَةَ الحَدبَاءِ قّد دُرِسَتْ (20)
وأَنَّ بَابَ رَجَاءِ اللهِ مُنْغَلِقُ
وَأَنَّ قَمْحَكِ مَدرُوسٌ بِدَاهِيَةٍ (21)
وَأَنَّ دَوحَكِ أَفْنَى ظِلَّهُ المَحَقُ
وَأَنَّ جَمْعَ مَنَاحَاتٍ لَكِ انْتَصَبَتْ
بَيْنَ الخَرَائِبِ والغِربَانُ تَصطَفِقُ
***
دَارَيْتُ يَأْسَكِ عَنْ صَوتِيْ وَعَنْ شَفَتيْ
وَفَيْضُ هَمِّكِ قَد ضُجَّتْ بِهِ العُنُقُ
مَنْ كَانَ مِثْلُكِ لَا يُرتَادُ مَأْتَمُهَا
أَنْتِ المُقِيْمِةُ إِذْ تُغْتَالُ تَنْخَلِقُ
أَنْتِ الوَلودَةُ مَا شَاخَتْ ضَفَائِرُهَا
أَنْتِ الوَلِيْدَةُ حيْنَ الوَأْدِ تَنْبَثِقُ
وَلَّادَةُ العَصرِ ، وَالمَورُوثُ مَخَّضَهَا
مَا هَمَّهَا الوأْدُ أَو أَعيَا بِهَا الطَلَقُ
أَنْتِ القَصِيْدَةُ ، والتَارِيْخُ شَاعِرُها
أَنْتِ اليَراعَةُ والأَحبَارُ والوَرَقُ (22)
أَنْتِ السَجيْنَةُ فِيْ أَعمَاقِ ذَاكِرَتِيْ
أَنتِ الطَلِيْقَةُ حَيْثُ الكَونُ مُنْغَلِقُ
نِبْرَاسُ عَقْلِيَ والمِشْكَاةُ جُمجُمَتِيْ (23)
مَهمَا احتَجَبْتِ رَأَتْ غَابَاتِكِ الطُرُقُ
***
ضُمِّيْ جِراحَكِ واستَلقِيْ عَلى شَجَنِيْ
وَأَنْتِ فَجْرُ شَبَابٍ زَانَهُ النَزَقُ (24)
مَا زَالَ ذِكْرُكِ فِي الإِصبَاحِ فَاكِهَتِيْ
والذِكرَيَاتُ شَرَابِيْ حِيْنَ أَغْتَبِقُ (25)
أَعرَاسُ أَمْسِكِ فِيْ عَيْنَيَّ تَسأَلُنِيْ
مَاذَا اقْتَرَفْتِ لِكَيْ تُدمَى لَكِ العُنُقُ
كَيْفَ الجَوامِعُ قَد طَاحَتْ مَنَائِرُهَا
كَيْفَ الكَناَئِسُ بِالصُلْبَانِ تَحتَرِقُ
كيفَ المَدارِسُ بِالأَطفَالِ غَائِرَةٌ
كَيْفَ الأُمومَةُ بِالأَقْدَامِ تَنْسَحِقُ
وَأَنْبِيَاؤُكِ ، مَنْ أَوْصَى الإِلهُ بِهِمُ
كَيْفَ اسْتُبِيْحوا وَمِنْ أَجْدَاثِهِمْ سُرِقُوا
جَرجِيْسُ يَثْوِيْ سَوِيَّ الرَمْسِ مُبْتَئِسٌ (26)
وَشِيْتُ ، مَنْ وَهَبَ الرَحمَنُ يَنْمَحِقُ (27)
وَيُونُسٌ بِضَمِيْرِ الحُوتِ مُمْتَهَنٌ (28)
وَبَحرُ حُوتِهِ بِالأَلغَامِ قَد خَفَقُوا
وَأَولِيَاؤُكِ مَنْ أَخْنَى الكَلامُ بِهِمْ (29)
وَهُمْ بِغَيْرِ كِتَابِ اللهِ مَا نَطَقُوا
وَأَهْلُ بِيْتِكِ مَنْ ذُو النُونِ جارَهُمُو (30)
جَارَ البَقَاءُ عَلَى لَأْوائِهِمْ فَبَقُوا (31)
مَا ضَرَّهُمْ قَدَرٌ يَجْتَثُّ آخِرَهُم
مِنْ بَعدِ مَا دَفَنُوا الأَحبَابَ وافْتِرَقُوا
مِنْ بَعدِ مَوتِ رَبِيْعٍ فِيْ قُلُوبِهُمو
يَفْنَى الوجودُ وَيفْنَى قَبْلَهُ الرَمَقُ
***
يَا ضِفَّةَ المَوتِ ، يَا قُدسَاً يَسِيْلُ دَمَاً (32)
يَا غَربَ دِجْلةَ إِذْ أَفْنَاكِ مُرتَزِقُ (33)
يَا بَصمَةَ الأَمْسِ بِالحِرمَانِ آهِلَةً
أَهْلُ القَدِيْمَةِ : خُلِّدتُمْ بِمَا فَسَقُوا (34)
أَهْلُ المَظَالِمِ قَد رَقَّ الرَصَاصُ لَهُمْ
وَرَاقَ سَمْعَ مَلَاكِ المَوتِ مَا نَطَقُوا
إِسْتَبْشَرَتْ بِهُدَى (الإِخْلَاصِ) مِنْهُ فَمٌ (35)
وَأَلْهَبَتْ وَرَعَاً أَنْفَاسَهُ (الفَلَقُ) (36)
سَرَوا بِجِنحِهِ والقُرآنُ ثَالِثُهُمْ
واسْتَيْقَنُوا سُبُلَ المِعرَاجِ وانطَلَقُوا
كَانَ احتِضَارُهُمُو عُرسَاً بِمَا ظُلِمُوا
دَقَّتْ طُبُولَهُ سَبْعٌ فِيْ العُلا طَبَقُ
وَاسَوا بِقُربِ دُنُوِ المَوتِ أَنْفُسَهُمْ
كَأَنَّهُمْ بِطَرِيْقِ المَوتِ قَد خُلِقُوا
مَاتُوا وظَلَّ رَجَاءُ المَوتِ أُمْنِيَةً
فِيمَنْ عَفَاهُ ، وَفِيمَنْ نَالَهُ عَوَقُ
مِنْ بَعدِ مَا سَحَقَ الإِرهَابُ هَامَتَهُمْ
أَضْحَوا ، رُعَاةَ زُنَاةِ الدِيْنِ ، مَنْ سُحِقُوا
وأَوغَلَتْ لُسُنُ الأَنْذَالِ فِيْ دَمِهِمْ
مِنْ كُلِّ قِزْمٍ زَنِيْم حَاقِدٍ رُشِقُوا (37)
***
حَاشَاكِ يَا قَبَسَ الإِشرَاقِ يَا عَلَمَاً
يَامَوصِلَاً بِجِنَانِ الخُلْدِ تُرتَفَقُقُ (38)
أَنْ تَرأَفِيْ بِكِلَابٍ صَيْدُهَا بَشَرٌ (39)
أَو أَنْ يَكُونَ بَنُوكِ الصِيْدُ قَد فَرَقُوا (40)
لَكِنَّمَا قُمَمُ الأَنذَالِ قَد عُتِقَتْ (41)
مِنْ قُمْقُمٍ بِقَرَارِ الوَحلِ فَانْطَلَقُوا
خُدَّامُ بَيْتِكِ قَد أَضحَوا دَهَاقِنَةً (42)
كَسَتْ وُجُوهَكِ مِنْ سَحناَئِهِمْ خِرَقُ
والفَارِسِيُّ مِنَ السُجَّادِ يَذْكُرُهُمْ
فِيْ قَصرِ عِزِّكِ كَمْ مَدُّوا وَكَمْ لَعَقُوا
صَارَ الأَرَاذِلُ أَسْيَاداً عَلَى قِمَمٍ
مِنْ سَادَةِ القَومِ فِيْ تًارِيْخِكِ ائْتَلَقُوا
رَهْطٌ تَنَاسَلَ رِجْسُ الشِركِ فِيْ دَمِهِمُ
إِيْمَانُهُمْ حَمَلٌ ، وَالضِرعُ مُنْغَدِقُ
والجَاهِلِيِّةُ مَا زَالَتْ بِهِمْ عَصَبٌ
عَاشَ ازْدِهَارَهُ في أَذْهَانِهِمْ وَبَقُوا
إِنْ يَنْتَمُوا فَإِلَى الحَربَاءِ نِسْبَتُهُمْ (43)
حَيْثُ اسْتَدَارَ حِذَاءُ الوَقْتِ إِلْتَصَقُوا
مَا لِلْمَوَاطِنِ تَقْدِيْسٌ بِشِرعَتِهِمْ
بِئْرُ الخِيَانَةُ ، فِيْ ظُلْمَاتِهَا انْزَلَقُوا
عَابُوا عَلَيْكِ نَقَاءَاً ، وادَّعوا رَشَداً
هَلْ عَلَّمَ الطُهْرَ مَنْ بِالرِجْسِ مُعتَنِقُ
غَالوا الحَضِارَةَ فِيْ أَحكَامِهِمْ وطَغَوا
دَأْبُ العَبِيْدِ إِذَا مَا حُكِّمُوا فَسَقُوا
***
سُرَّ العُلُوجُ بِحِقْدٍ فِيْ ضَمَائِرِهِمْ (44)
فَاسْتَثْمَرُوهُ دِمَاءِاً مِنْكِ إِذْ هَرَقُوُا
وآزَرُوهُمْ بِأَقْنَانٍ لَهُمْ شَبَهٌ (45)
مِنْ أَبْعَدِ الأَرضِ ، مِنْ أَدحَالِهَا انْطَلَقُوا (46)
مِا بَيْنَ عَبْدٍ حَبَاْهُ اللَّيلُ سَوءَتَهُ
وَنَاكِرِ الشَمْسِ يَطفُو وَجْهَهُ البَهَقُ
وَأَصفَرٍ كَصِلالِ الرَمْلِ مُنْتَفِخٍ
وَوَاعِظٍ بِدَفِيْنِ الفِسْقِ يَصطَلِقُ
عَاثُوا بِطُهْرِكِ وَانْبَثُّوا كَأَوبِئَةٍ
مِثْل العَواهِرِ فِيْ أَحيَاءِكِ انْبَثَقُوا
غَطُّوا السَمَاءَ بِبَالٍ مِنْ نَقَائِصِهِمْ
وَكَاهِلَ النَاسِ مِنْ أَحمَالِهِم رَهَقُوا
وَاليَأْسُ لَوَّنَ نُورَ الشَمْسِ فِيْكِ دَمَاً
وَرَاعَ أَهْلَكِ ، مَا غَالُوا وَمَا زَهَقُوا (47)
ظَنُّوا بِأَنَّ حِبَالَ الغَوثِ قَد قُطِعَتْ
وَأَنَّ بَابَكِ حَدَّ الحَشْرِ قَد غَلَقُوا
لَكِنَّكِ الغُصنُ مِنْ دَوحٍ بِهِ عَرَفَتْ
كَفُّ البَسَالَةِ كَيْفَ السَيْفُ يُمْتَشَقُ
دَوحُ العِرَاقِ ، وَهَلْ مِنْ أُمَّةٍ مَلَكَتْ
شَعباً كَشَعبِهِ ، بِالإِقْدَامِ يَسْتَبِقُ
ثَارَ الجَنُوبُ كَبُركَانٍ يُهِيْلُ لَظىً
يُزْجِيْ الرِجَالَ بِبَأْسٍ زَانَهُ الحَنَقُ
قَلْبُ الفُرَاتِ غَدَا لِلْجُنْدِ مُحتَشَداً
وَاسْتَجْمَعُوا هِمَمَ العِشْرِيْنِ وانْطَلَقُوا (48)
وَافَتْ حُشُودُهُ صَوتَاً مِنْكِ مُخْتَنِقاً
فَلَعلَعَ الرَعدُ بِالحَدبَاءِ إِذْ بَرَقُوا (49)
صَالَ العُقَابُ عِلَى الأَغْرَابِ يَقْنُصُمْ
فَزَاحَمُوا جِحَرَ الجِرذَانِ إِذْ نَفَقُوا (50)
تَصَارَخُوا كِنِسَاءٍ مَاتَ عَائِلُهُمْ
تَنَاثَرَوا بِدُحُولِ البَرِّ أَو غَرِقُوا
نِعمَ الحُشُودُ وَنِعمَ النَصرُ مَا حَمَلَتْ
نِعمَ الرِجَالُ إِذَا مَا عَاهَدُوا صَدَقُوا
نِعمَ العُمُومَةُ إِذْ وَافَتْكِ فَادِيَةٌ
نِعمَ الأُسُودُ إِذَا مَا اسْتُخْصِمُوا مَحَقُوا
***
عَادَ الرَجَاءُ لِقَومٍ فِيْكِ قَد قَنَطُوا (51)
لَكِنَّهُمْ بِجَلِيْلِ الأَمْرِ قَد رُهِقُوا
مَنْ ذَا يُرَوِّيْ شِفَاهَاً مِنْكِ صَادِيَةً
مَنْ ذَا يَرُمُّ عِظَامَاً فِيْكِ تَصطَفِقُ
مَنْ ذَا يُعِيْدُ لِشَوقٍ فِيْ مَزَارِعِنَا
عِطرَ التُرَابِ وَقَد أَوفَى لَهُ الوَدَقُ (52)
وَالأَجْنَبِيُّ عَلَى أَنْفَاسِنَا حَكَمٌ
والخَائِنُونَ عَلَى أَفْوَاهِنَا غَلَقُ (53)
وَالقَاطِعُونَ رِقَابَ النَاسِ فِيْكِ ضُحَىً
لَاذُوا بِذَيْلِ خَبِيْثِ العِلْجِ وانْعَتَقُوا
عَادُوا إِلِيْكِ بِثَوبٍ مِنْ أَقَارِبِهِمْ
طَيَّ الجُيُوبِ دِمَاءٌ مِنْكِ قَد هَرَقُوا
يَسْتَهْدِفُونَ تُرَاباً فِيْهِ قَد نَبَتُوا
يُجَاهِرونَ بِأَنَّ الجَمْعَ مُفْتَرِقُ
***
يَا أَشْرَفَ النَاسِ يَا مَنْ هَمُّهُمْ وَطَنٌ
جَادُوا الدِمَاءَ عَلَىْ أَعتَابِهِ وَسَقُوا
يَا أَنْجَدَ النَاسِ إِنْ نَابَتْنَا نِائِبَةٌ
يَا قُرَّةَ العَينِ إِنْ غَامَتْ بِهَا الحَدَقُ
يَا مَنْ نُجُومُ سَمَاءِ الحَقِّ تَعرِفُهُمْ
أَهْلَ العِرَاقِ ، وَهَلْ يَخْفَى لَكُمْ أَلَقُ
إِنْيْ أَقُولُ وَرَبُّ الصِدقِّ يَشْهَدُ لِيْ
لَسْتُ المُداهِنَ قَد أَفْضَى بِهِ المَلَقُ (54)
إِنَّ العُلُوجَ وَقَد ضُجُّوا بِمَا ثَكِلِوا
مِمَّنْ تَبَنَّوا مِنَ الغِربَانِ ، أَو خَلَقُوا
لَنْ يَسْتَكِيْنُوا ولَنْ تَهْدَأْ لَهُمْ فِتَنٌ
مِنْ بَعْدِ مَا قُطِعَتْ أَذنَابَهُمْ وَبَقُوا
فَالرَأْسُ بِالسُمِّ مَا زَالَتْ تَفُحُّ أَذَىً
لَا تَسْتَرِيْحُ وَشَمْلُ الدَوحِ مُتَّفِقُ
لَنْ يَسْتَكِيْنُوا وَأَرضُ الرَافِديْنِ بَقَتْ
كُلَّاً يُرَتِقُّ مَا شَقُّوا وَمَا فَتَقُوا
***
فَلتَسْمَعُونِي ، فَإِنِيْ نَاصِحٌ فَطِنٌ
إِنِّيْ الغَيُورُ ، وإِنِّيْ مُتْعَبٌ قَلِقُ
حَشْدُ العِرَاقِ ضَمَانُ الأَرضِ ، إِنْ طَمِعَتْ (55)
فِيها المَطَامِعُ ، عِمْلاقٌ بِهِ تَثِقُ
لا تَتْرُكُوهُ لأَنْيَابِ الأُلَى غَدَرُوا (56)
إِنَّ العِرَاقَ ، إِذا مَا عَافَهُ ، مِزَقُ
( عمار عبدالباقي العمري )
هوامش :
1- الفَلَق : الصُّبْحُ عندما ينشقُّ من ظلمة اللَّيل
2 - عَنَا : خضع ، رضخ ، أَذعَنَ
3 - بَارِحةٌ : بَرَحَ الظبي والطائرُ : مرّ من يمين الرائي إلى يساره ( والعرب تتشائم به).
4 - انثَالِ : اِنْهالَ ، اِنْصَبَّ.
5 - الشَبَقُ : الشهوة.
6 - هَالَ : أَفْزَعَ ، أَخافَ.
7 - طَوَّالَةُ : تستطيع ان تطول ، اي ان تصل او تمسك.
8 - سَرَب : قناة تحت الارض ، تجري فيها المياه.
9 - العَلَقُ : دُوَيْدَةٌ سَوْدَاءُ تَمْتَصُّ الدَّمَ تَعِيشُ فِي الْمَاءِ الآسِنِ.
10 - الدُّجْنَةُ : الظُّلْمةُ.
11 - قَالَ : نام في منتصف النّهار.
12 – الحَيْن ، الهلاك او الموت. الطَّبَقُ : الغطاء ، او حالة ومنزلة : منزلة بعد منزلة ، وحالاً بعد حال ، كالموت بعد الحياة ، والمقصود في القصيدة هو القبر.
13 - ادِّكَارِكِ : ادّكر الشّخص الموعد : اذَّكره ، استحضره في ذهنه واسترجعه بعد نسيان.
14 - الغَاشِيَة : القيامةُ.
5 - الشَبَقُ : الشهوة.
16 - الوَشَقُ : حيوان من فصيلة القطط ، وهو بين القِطِّ والنَّمِر.
17 - المحاجر : جمع محجر ، مَحْجِر العَيْن : ما أحاط بها.
18 - الأَجْدَاث : القبور.
19 - الفَرَقُ : الخوف.
20 - دُرِسَتْ : دَرَسَ دَرْسًا ، ودُروسًا : عَفَا وذَهَبَ أَثرُهُ.
21 - مَدرُوسٌ : دَرَسَ الدَّارِسُ سَنَابِلَ القَمْحِ : دَاسَهَا بِمِدْراةٍ أو بِدَرَّاسَةٍ، لاستخلاص الحبوب من السنابل.
22 - اليَراعَةُ : قصب يتّخذ منه الأقلام.
23 - النبراس : المصباح. المشكاة : تجويف أو كُوّة في الحائط غير نافذة ، يُوضع عليها المصباح.
24 - النَزَقُ : العجلة والطَيْشٍ.
25 - اغتبق الرَّجلُ شرِب الغبوقَ ، وهو ما يُشرب في العشيّ.
26 - جَرجِيْسُ : هو جرجيس النبي عليه السلام، ويوجد في مدينة الموصل شمال العراق جامع النبي جرجيس، والذي فيه ضريح يسمى باسمه، ولقد فجره تنظيم داعش أثر استيلائهم على المدينة.
27 - شِيْتُ : هو شيت النبي عليه السلام،ابن آدم عليه السلام، ومعنى اسم (شيت) هو (هبة الله)، ويوجد في مدينة الموصل شمال العراق جامع النبي شيت، والذي فيه ضريح يسمى باسمه، ولقد فجره تنظيم داعش أثر استيلائهم على المدينة.
28 - يُونُس : هو يُونُس النبي عليه السلام، ويطلق عليه أيضًا إسم ذو النون، والنون هو: الحوت، ويقال له أيضا: صاحب الحوت، ويوجد في مدينة الموصل شمال العراق جامع النبي يونس، والذي فيه ضريح يسمى باسمه، ولقد فجره تنظيم داعش أثر استيلائهم على المدينة، بعد ان سرقوا الاثار التي تحت الجامع والضريح.
29 - الاولياء : الوَلِيٌّ الصَالِحٌ : عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ هو الرَّجُلُ الْمَعْرُوفُ بِسِيرَتِهِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَعِبَادَتِهِ وَسُلُوكِهِ ، وَهُوَ مَا يُقَابِلُ الْقِدِّيسَ عِنْدَ الْمَسِيحِيِّينَ.
أَخْنَى : أخنى في الكلام : أفحش فيه.
30 - ذُو النُون ، هو نفسه يونس النبي عليه السلام ، والذي سبق ذكره في الهامش (28).
31 - اللأْواءُ : ضيقُ المعيشة ، شدةُ المرض.
32 - ضِفَّةَ المَوتِ : المقصود بها الضفة الغربية من نهر دجلة في الموصل (الساحل الايمن والموصل القديمة).
33 - يَا غَربَ دِجْلة : المقصود بها كذلك : الضفة الغربية من نهر دجلة في الموصل (الساحل الايمن والموصل القديمة).
34 - أَهْلُ القَدِيْمَة : المقصود به سكان الموصل القديمة من المدنيين ، في الساحل الايمن من الموصل.
35 - الإِخْلَاص : سورة الاخلاص في القران الكريم.
36 - الفلق : سورة الفلق في القران الكريم.
37 - زَنِيْم : المنسوب الى فئة ، وهو ليس مهم.
38 - تُرتَفَقُقُ ، تُقْتَرَنُ.
39 - كِلَابٍ صَيْدُهَا بَشَرٌ : المقصود بهم، عناصر التنظيم الارهابي (داعش).
40 - فَرَقُوا : فرِقَ الرجل : فزع ، جزِع واشتدَّ خوفه.
41 - قُمَم : أكوام القُمامة.
42 - جمع دِهْقانُ، دِهْقانُ البلدة : رَئيسُهُا
دَهاقِنَةُ السِّياسَةِ : كِبارُ السَّاسَةِ.
رَجُلٌ دِهْقانٌ : مَنْ لَهُ مالٌ وَعَقارٌ.
43 - الحَربَاء : دُوَيْبَّة من الزواحف ، على شكل سامٍّ أَبرصَ ،تستقبل الشمسَ نهارَها وتدور معها كيف دارَت ، وتتلوّن أَلواناً ويُضربُ بها المثل في التلّون.
44 - العُلُوج : جمع علج، وهو الرجل الغليظ من الكفار من غير العرب.
45 - أَقْنَان : جمع قِنْ، وهو العَبْدُ الذى كان أَبوه مملوكًا لمواليه.
46 - أَدْحَال : جمع دَحْل، وهي حفرة في الأرض تكون ضيقة من الأعلى ، واسعة من الأسفل.
47 - غالوا : غالَ فلانًا : أهلكه ، أصابه بشرٍّ من حيث لا يدري.
48 - العِشْرِيْن ، المقصود بها ثورة عام 1920 المجيدة في العراق ، ضد حثالات بريطانيا.
49 - لَعلَعَ : لعلع الرَّعدُ صوَّت : دوّى.
50 - جِحَر : جمع جُحْر، والجُحْر هو حُفرة تأْوى إِليها الهوامُّ وصغار الحيوان.
51 - قَنَطُوا : قنَط الشَّخصُ : يئِس أشدَّ اليأس.
52 - الوَدَق : المطرُ ، شديدُه وهيِّنه.
53 - الغَلَقُ : القفل ، غَلَقُ الباب : قفل الباب.
54 - المداهن : هو أَلذي يظهرَ خلافَ ما يضمر. المَلَق : صوت المتودد للغير.
55 - حَشْدُ العِرَاقِ : المقصود به الحشد الشعبي البطل.
56 - الأُلى : الذين
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق