الخميس، 2 مايو 2019

علمتني الحياة // بقلم الشاعر // د. عمرو صلاح

علمتني الحياة )
حِكَمٌ مِنَ الأيامِ لا كالأَنجُمِ
تسري بها الأحكامُ دوما فاعلَمِ
...
قَطَراتُها غيثٌ فَمِنها تَكتسي
أرضٌ بأخضرَ بعدما لم تُوْسَمِ
إنِّي وقد أُسقِيتُ منها رشفةً
لَرَحيقُها أنداءُ دارِ الأرقمِ
وضِياؤها كالشمسِ في عَليائِها
وَمَضاؤها بين الورى كاللَّهذَمِ
مَنْ سار مرتشدا بها غنمَ الهُدى
وَلَنِعمَ لو كان الهدى بالمَغنَمِ
أَوَليس من قبسِ النجومِ هدايةٌ
تهدي الحياري في الظلامِ المُعتِمِ؟!
الصدقُ-لو تدري- لَأندى لهجةً
حتى لقولٍ في سياقِ تَبَسُّمِ
لا تَقلينَّ جَنابَهُ يوماً وإنْ
غشَّاكَ هولٌ من جنودِ عَرمرَمِ
تَرَ فيه مَنجاةً تُوقِّيكَ الأذى
حتما.. فإن تكذبْ تضلُّ وتأثمِ
ورأيتُ في قربِ الالهِ هناءةً
مَرضيةً وكرامةً لمْ تُثْلَمِ
مَن قامَ يدعوهُ بقلبٍ عابدٍ
فَنوَالهُ بيدِ الإلهِ الأكرمِ
وأخو الغنى عن ربهِ مُتَخطَّفٌ
بيدِ الهوى تُصليهِ كلَّ مُحرَّمِ
ورأيتُ أخلصَ مَن يَودُّك والدٌ
يُعطيك مِن دمه وحتّى الأَعظُمِ
ظَهرٌ لأبناءٍ مُحمَّلةُ المُنَى
حتَّى يراهُم بالمقامِ الأنعَمِ
فَلِبرِّهِم كُن وافياً وَمَحبةٍ
وَتَرقَّينَّ لذاك أعلى سُلَّمِ
وَأَبيك فالأَخُ لا يعَوَّضُ مثلُه
يوما فإنْ تقطعْ وِصالَهُ تندمِ
تجري دِماؤه في وريدك دُفَّقا
أرأيتَ يَنبوعَ الحياةِ بلا دمِ ؟!
هل سارت الأقدامُ دون كواحلٍ
يوما وهل أيدٍ غنت عن مِعصَمِ ؟!
والخلُّ لو ترضى خِلالَه مُجمَلا
فتغاضَ عن بعضٍ بهنَّ مُذمَّمِ
فإذا بحثتَ فلن ترى مِن كاملٍ
فاقنعْ بخُلْقٍ في العبادِ مُقسَّمِ
ولكل خلٍّ في الحياةِ خليقةٌ
تُرضيك أزمانا فلا تتبرَّمِ
ورأيتُ مدحَ النفسِ يأسِرُها فَجُدْ
حينا على مرءٍ بقولِ مُتيَّمِ
فإذا بَخِلتَ به على أحدٍ فلا
تُقْبلْ وأنتَ بذي لِحَاظٍ أشأمِ
والرفقُ يُعطي ما تراهُ مُحالةً
ويشعُّ نورَك بالفؤادِ المُظلمِ
إن شئت كالماءِ الذي ألقَمتَهُ
نارا علت فكأنها لم تَضرِمِ
وَبَنُوكَ كنزُكَ في الحياة جميعِها
ذَهَبٌ مُصفَّى من مَكامِنِ مِنجَمِ
فَأَمِلْ عليهم مِن ظلالِ عنايةٍ
تُلقِي إليهم من ثمارِ تَعَلُّمِ
بكَ يهتدون إلى خُطاهُمْ أوَّلا
أنت المعلمُ ،كن كخيرِ مُعلِّمِ
وإذا رأيتَ العدلَ قامَ بموطنٍ
فإلى سلامٍ بات فيه مُحتَّمِ
وترى النفوسَ إليه ترنو دائما
بعيونِ لهفتِها وقلبٍ مُغرَمِ
فإذا هو الحصنُ الذي به أمنُها
وهي الفدا له مِن سَنابكِ دَيلَمِ
وإذا عزمت فكُنْ لخيرٍ عازما
وَلنِعْمَ عزمُك لو لأسنى مَريمِ
إنْ كان عزمُك بالالهِ قَضَيتَهُ
لا تركننَّ إلى قُواك فتُهزَمِ
وابدأْ عُجالا لا تؤخرْ ساعةً
حاشاك أن تحيا كسائرِ نُوَّمِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق