السبت، 6 أبريل 2019

نافذة على الشعراء العرب // بقلم الشاعر خالد حبازة

نافذة
على الشعراء العرب
و كذبت طرفي فيك و الطرف صادق ... و أسمعت أذني فيك ما ليس تسمع
فلا كبدي تبلى و لا لك رحمـــــــــــة ... و لا عنك اقصار ، و لا فيك مطمع
بكر بن النطاح الحنفي . أبو وائل
بكر بن النطاح
شاعر غزل من شعراء بني حنيفة ، من أهل اليمامة .
كان صعلوكا ، يصيب الطريق ، ثم اقصر عن ذلك ، و كان شجاعا فارسا بطلا شاعرا ، حسن الشعر و التصرف فيه ، وكان كثير الوصف لنفسه بالشجاعة و الاقدام .
انتقل الى بغداد في أيام الرشيد ، و اتصل بأبي دلف العجلي ، الذي كان مشهورا بكرمه و الذي يقول فيه أحد الشعراء :
انما الدنيا أبو دلف ... بين ماضيه و محتضره
فاذا ولى أبو دلف ... ولت الدنيا على أثره
و بقي بكر يمدحه طويلا ، فجعل له رزقا سلطانيا عاش به الى أن توفي . سنة 192 هجرية _ 807 ميلادية
و يقال ان بكر بن النطاح لما قال قصيدته التي يقول فيها :
هنيئا لا خواني ببغداد عيدهم ... و عيدي بحلوان قراع الكتائب
قال له أبو دلف انك تكثر من وصف نفسك بالشجاعة ، و ما رأيت لذلك أثرا عندك و لا فيك ، فقال له بكر : أيها الأمير ! و أي يكون عند الرجل الحاسر الأعزل .. فقال : أعطوه سيفا و فرسا و درعا و رمحا .. فأعطوه .. فخرج على وجهه ، فلقي مالا لأبي دلف يحمل من ضياعه ، فأخذه ، و خرج جماعة من غلمانه فمنعوه ، فجرحهم جميعا و قطعهم ، فانهزموا .. فلما وصل خبره الى أبي دلف ، قال : نحن جنينا على أنفسنا ، و كنا أغنياء عن اهاجة أبي وائل ، ثم كتب اله بالأمان و سوغه المال ، فرجع و ما زال يمدح أبا دلف حتى مات .
و يقال ان أبا دلف العجلي ، وكان ولي دمشق أيام المعتصم ، لحق قوما من الأكراد قطعوا الطريق ، فطعن فارسا طعنة ، فنفذت الطعنة الى فارس آخر رديفه ، فقتلهما ، فقال بكر بن النطاح في ذلك من الكامل و القافية من المتواتر:
قالوا و ينظم فارسين بطعنة ... يوم الهياج و لا تراه كليلا
لا تعجبوا فلو ان طول قناته ... ميلا اذاً نظم الفوارس ميلا
و من مديحه في أبي دلف :
له راحة لو أن معشار جودها ... على البر كان البر أندى من البحر
و لو أن خلق الله في جسم فارس ... و بارزه كان الخلي من العمر
أبا دلف بوركت في كل بلدة ... كما بوركت في شهرها ليلة القدر
و قال أيضا :
اذا كان الشتاء فأنت شمسي ... و ان حضر المصيف فأنت ظلُّ
و ما تدري اذا أعطيت مالا ... أيكثر في سماعك أم يقل
و من تشبيهاته الجميلة قوله من الكامل و القافية من المتدارك
بيضاء تسحب من قيان فرعها ... و تغيب فيه وهو جثل اسحم
فكأنها فيه نهار ساطع ... و كأنه ليل عليها أفحم
يقول في أبيات رائعة غاية في الرقة و العذوبة .. قالها في جارية لبعض الحنفيين ، يقال لها " رامشنة " من الطويل و القافية من المتدارك :
و كذبت طرفي فيك و الطرف صادق
.............................. و أسمعت أذني فيك ما ليس تسمع
و لم اسكن الأرض التي تسكنينهــــــا
............................. لكي لا يقولوا : صابر ليس يجزع
فلا كبدي تبـــــلى و لا لك رحمـــــــة
............................. و لا عنك اقصار، ولا فيك مطمع
لقيت أمـــــورا منك لم الــــــــق مثلها
............................. و أعظم منها منــــك ما أتوقــــــع
فان تسأليني في هــــــواك زيــــــــادة
............................ فأيسره يجـــــــزي ، و أدناه ينفع
..........
و هي أبيات غنتها السيدة " أم كلثوم " حيث قام بتلحينها " أبو العلى محمد " في عام 1931 م
و يقال ان المأمون قال لأبي الحسين الراوية أنشدني أشجع بيت و أعفه و أكرمه من شعر المحدثين ، فأنشده من الطويل و القافية من المتدارك :
و من يفتقر منا يعش بحسامه ... و من يفتقر من سائر الناس يسأل
و انا لنلهو بالسيوف كما لهت ... عروس بعقد أو سحاب قرنفل
فقال له : ويلك ! من يقول هذا ؟ فقال : بكر بن النطاح ! فقال : أحسن و الله ! و لكنه كذاب .. فما باله يسأل أبا دلف و يمدحه ! هلا أكل خبزه بسيفه كما قال ؟!
..............
خالد ع . خبازة
اللاذقية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق