ديوان
هذي فلسطين
بقلم الشاعر
حسن كنعان
الله ! يا طفلَ الحجر .
اللهُ ! يا طفلَ الحجرْ .
انطقت صخرَ بلادنا
فغدا من الأرضِ الحبيبةِ
زادنا
وجِلادنا
وبه قذفتَ المارقين بغَيِّهمْ
فصحَوْا على صوت الحقيقةِ صارخاً
هذي الدّيارُ لنا
وسيّدها أنا
وضربتَ يحميكَ القدر ٠
اللهُ ! يا طفلَ الحجرْ ٠
ما غابت القدسُ الحبيبةُ عن خيالكْ
وحفظتها في الرّحمِ فاشتاقتْ ال
الى ميلادكَ الميمون
صخرتها
وغصنُ التينِ والزيتونِ٠
يهتزانِ
ينتفضانِ
في ليلٍ شديد الصّمتِ حالكْ٠
فيكَ عزمٌ هزّ دنيا الظّلمِ
واجتاحَ الممالكْ٠
بوركَ الطفلُ الذي أدركَ ثارهْ
يحملُ المقلاعَ
والذّخرُ الحجارةْ ٠
هذه قبضتكَ الصّغرى
وفي الكفّ الحجرْ
وكتابٌ في يساركْ
ضارباً في الأرضِِ
تنشي
من دماءِ الجرحِ
أُغنيةَ انتصاركْ
أنت من ظنّوا فناءكْ
أنت من ظنّوا ولاءكْ
وتلاشت تلكمُ الأحلامُ
والأوهامُ
لمّا رحتَ تلقاهم
وداعي الثّأرِ جاءكْ
إنّها أرضُكَ ، حبٌّ أبديٌّ
جهلوا عنكَ الحقيقةْ
لم تكن تنتظرُ العظمَ ليقوى
ومتى يكتنزُ اللّحمُ
وتمشي في الطّريقْ
سرتَ طفلاً...
آهِ ، ما أكبر همّهْ
عجزت عن حملهِ أركانُ أُمّةْ
لم يكن في صدركَ المجلُوِّ
غيرُ الحبِّ للأرضِ
وأحلامُ الطّفولةْ
سرقوها منكَ
فاجتزتَ إلى عبء الرّجولةْ
صِرتَ إعصاراً وثورةْ
صِرتَ يوماً عربياً
وشهدنا في الجبينِ الغضِّ
في وجهكَ فجرهْ ٠
حسن كنعان/ أبو بلال
شاعرالمعلمين العرب
-------
وتمرُّ الأعوام :
مضى العامُ الذي أدمى العيونا
أيا عامَ المذلّةِ والكورونا
طويناهُ ولم نفرحْ بيُسرٍ
وقد زاد البلاءَ مُطبّعونا
فمذْ كان النبيُّ يردُّ كيداً
لهم حاكوا المكائد خائنينا
فلا عهدٌ لهم ولهم نفوسٌ
خبيثاتٌ ولا يُستأمنونا
جلاهم عن مدينتهِ فصارتْ
منارةَ أُمّةٍ دنياً ودينا
فكلّ النّاسِ حتى اليومِ ترجو
زوالهمُ ليحيوْا آمنينا
تجرّعَ ( هتلرٌ) والشّعبُ منهم
كؤوسَ اللؤمِ إذ فجروا سنينا
فحرّقهم بنارِ الثأرِ حتى
أتوْنا من هناك ( ليُقرفونا)
أجرناهم فكانوا شرّ قومٍ
فقد غصبوا البلادَ وشرّدونا
أفاعي الغربِ مدتهم فعاثوا
وأبناءُ العروبةِ نائمونا
مضى قرنٌ على أشلاء شعبٍ
ويذوي الآخرون لها حنينا
سُراةُ العُربِ عنّا في سُباتٍ
وإنْ فاقوا أذاقونا الجُنونا
وشعبي شقّ دربَ الظُّلم وَعراً
وعاش يردُّ كيدَ المعتدينا
وشُذّاذُ الأنامِ تعيثُ فيها
وهيهاتَ الجبابرُ أنْ تلينا
كذا انطوتِ العصورُ بكنسِ غازٍ
وإن أمضى على ظُلمٍ سنينا
فنحنُ لها رجالاً أو نساءً
نقُدُّ الصّخرَ نأبى أن نلينا
فيا أسطورة ( الجيش المُعلّى)!!
أحلناها لهم إرثاً مهينا
يُعيّرنا دعاةُ السلمِ أنّا
أخذنا المالَ منهم مرغمينا
فإنْ جادوا وأكثرهم ضنين
فقد منّوا بما أعطَوْهُ حينا
هم الأطفالُ تنسلُهم نساءٌ
رجالاً علّموا الدّنيا الفنونا
ففي كفِّ الفتى الغضِّ استحالت
حجارُ الأرضِ تُمطرُ غاصبينا
صنعنا النّصر في السّاحاتِ كشفاً
وأنتم بالسّلاحِ مدججونا
وكم وطئ الغزاةُ لنا دياراً
وخلّوْها وفرّوا صاغرينا
فلسطينيّةً أرضي ستبقى
ونبقى نحنُ فيها الأكرمينا
جبابرةٌ وسِفرُ المجدِ يروي
لنا قصصَ الفداءِ مجرّبينا
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان/ أبو بلال
----------
عزّة شعب :
لغير الله لم نحنِ الرّقابا
ولم نظهرْ لمرتجفٍ عتابا
إذا نادتْ ( فلسطين ٌ) علينا
تداعى الكلُّ شيباً والشّبابا
نفَرْنا نملأ ُ السّحاتِ جُنداً
نُشرّعُ للصهاينةِ الحرابا
ويشدو للحمى من كلّ فجٍّ
رصاصٌ صار في الأفقِ الشّهابا
سنهدمُ ما بنَوْهُ على رؤوسٍ
ونتركُ ما بنوهُ بها خرابا
سئمنا من طغاةِ الأرض حتى
مللنا في مراميها اغترابا
رعينا النشءَ جيلاً بعدَ جيلٍ
أثاب لربّه ولهُ أنابا
همُ الأعداءُ جيشٌ من جُبانى
اذا ما قيل: طاب الموتُ طابا
وإن لم تُسرجوا خيلاَ عتاقاً
وأسيافاً فما نلتم ثوابا
ومن عاف الشّهادةَ فوق أرضٍ
تُغوِّثُ فاستدار وما استتابا
إلى ( صَقَرٍ) وبئست مُستقَرّاً
لتلتهبَ الجسومُ بها التهابا
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان/ أبو بلال
-----------
في الطريق إلى فلسطين :
رِقّي فإنّي سئمتُ البعدَ والأرقا
والقلبُ من فرط شوقي للقا شَرِقا
الجرحُ ينزف آلاماً يحسُّ بها
من كان للأمّ روحاً قبل ما افترقا
كُنّا كصخرِ بلادي لا تُحرّكُهُ
ريحُ العوادي ولكنْ ينسلُ الوَدَقا
لنا قلوبٌ تغنّتْ في مفاتنها
خرائدَ الشّعرِ سبحان الذي خلَقا
قلوبُ شعبٍ تفانى في محبّتها
أذابها الوجدُ وازدادتْ بهِ ألَقا
وإنْ تُمَسَّ فأطرافُ القنا لهمُ
وجُلّهم خرّ من تلك القنا فَرَقا
اللهُ يعلمُ والتاريخُ نُشهِدُهُ
هذان عدلان إن قالا فقد صدقا
الأمُّ تنسلُ والأبناءُ عُدّتُها
وأيُّ نعماءَ مثل الابن ما رزقا
أسرى لحُبِّ ( فلسطينٍ) ولا عجبٌ
أن يمقتَ العيشَ في دنياهُ من عُتِقا
للهِ يا قبلةَ الأحرارِ كم بطلٍ
روّى التُّرابَ بغير اللهِ ما وَثِقا
وكم جبانٍ بماءِ الخزيِ ممتقعٍ
وكم غيورٍ بوجه الذّلِّ قد بصقا
في مثلِ عشقهمُ للأرضِ ما عرفتْ
افاضلُ النّاس في من حبّ أو عشقا
فاللهُ أسرى بخير الخلقِ مُتّخذاً
من قدسنا منزلاً للمجد حين رقى
إنّ الشّهادة دون الدّين مفخرةٌ
والأرضِ والعرضِ يعلو مجدها الأُفُقا
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان/ أبو بلال
--------
رحلةُ الأيّام :
يا صاحبَيَّ أنيخا الرّكبَ واصطبرا
إنّي أُحسُّ بأنّ العمرَ قد عبرا
أجهدتُ في رحلةِ الأيّامِ ذاكرتي
والجرحُ فينا مع الأيّامِ قد كبُرا
هذا زمانٌ غريبٌ عزَّ ساقطهُ
وذلّّ بينهُمُ من أنطقَ الحجرا
لولا فلسطين ُ فوقَ الأرض جنّتها
لما استماتَ عليها الخصمُ وانسعرا
قرنٌ من البذلِ لم تفتُرْ عزائمنا
ولا دمُ الثأر في أجسادنا فترا
والطفلُ منّا إذا ما اشتدّ ساعدهُ
تهابهُ الجندُ في السّاحات إن نفرا
في عالمٍ يعرُبيِّ الصّمتِ يخذلُنا
قد أشعل اللؤمُ فيهِ الجمر والشّررا
نبني طلائعَ زحفٍ لا نديدَ لهُ
لتحصُدَ الخصمَ لا تبقي لهُ أثرا
ويصدحُ الطيرُ في دوحِ الإبا جذلا
وينضُرُ العودُ يعطي الزّهرَ والثّمرا
حرّيّةُ الأرضِ والإنسان مجلبةٌ
للعزّ يروي نداه غُلّةً وثرى
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان/ أبو بلال
------------
هذي فلسطين :
هذي فلسطين ُ آلامٌ وإقدامُ
والكلُّ أُسدٌ ( وفرخُ البطّ عوّام ُ )
تناثرَ الفرسُ أشلاءً بحضرتها
وجرّ خيبةَ ذُلٍّ فيكِ أروامُ
هي العروسُ التي هان الفداء لها
تسعى لها فوق شمسِ أقدامُ
لا تحلموا أن يضيع الحقُّ في وطني
ومكثهم فوق هذي الأرضِ أوهامُ
وكم ندبنا لغوث القدس أُمّتنا
وهم على السّمعِ أوثانٌ وأَصنامُ
في كلّ ليلٍ بنو صهيونَ ساهرةٌ
تحيكُ مكراً وعنهُ العُربُ نُوّامُ
غداً سنأتي زحوفاً من جبابرةٍ
عهداً على الموت لا وقفٌ وإحجام
غداً سيأتيكِ عشّاقُ ببأسهمُ
وكلُّهم يا عروسَ الأرض ضرغامُ
هيا استعدّي لعرسٍ طالَ موعدُهُ
وتستريح من الإعياء أقلامُ
في غير أرضيَ كلُّ الأرضِ مُغترَبٌ
أَتوهُ فيها كأنّ العيشَ إرغامُ
إنّي ( الفلسطينيَّ) لا طبعي ولا خُلُقي
يرضى الدَّنيّةَ والأيّامُ حُكّامُ
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان / أبو بلال
-----------
ليلانا ( فلسطين ) :
تطارحني الغرامّ عيون ( ليلى)
ومن عينيكِ يأسرُني الغرامُ
وفي آفاقها حامت نسورٌ
ويهدل في مرابعا الحمامُ
كما العُبّاد يقدُمُهم إمامٌ
يظل لكلّ عُشّاقٍ إمامُ
أقدسَ اللهِ قلبكِ نبضُ عشقٍ
له في الروع يُستلُّ الحسامُ
فلا نخشَيْ فمهركِ ليس مالاً
ولا تبراً يجودُ بهِ ( الهمام) !!
ولكنّ الصّداقَ دماءُ أهلٍ
فهم يا ( ليلُ) أهلوكِ الكرامُ
وما اهتزّت لطفلٍ في بلادي
شعيرتهُ إذا حلّ الحِمامُ
لقومٍ يحطبون بليلِ لؤمٍ
فبئسَ المكرُ ما فعلَ اللئامُ
فلا يرضى الجبابرةُ احتلالاً
ألبس همُ الجبابرةُ العظامُ
عمي ( ليلايَ) صبحاً أو مساءً
فحولكِ فتيةٌ سُمرٌ و هامُ
نعِدُّ الآلةَ الحمرا ليومٍ
به يشتدّ في الساح الضّرامُ
اذا لم ترجعي وطناً عزيزاً
فلا كنّا ولا كان السّلامُ
تفرّقنا فلم نظفرْ بنصرٍ
وحتى الفرد راودهُ انقسامُ
قوامُ حياتنا دين وجمعُ
وكيف بحضرةِ المولى نضامُ
إذا هانت على الأعرابِ قدسٌ
يهون عليهمُ البيتُ الحرامُ
فأمُّ الأرضِ يا قومُ استبيحت
وأنتم عن مآسيها نيامُ
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان / ابو بلال
------------☆☆☆
محبوبتي ... :
ضاقت عليّ مع ابتعادك أضلعي
ومضيتُ أمسحُ في غيابكِ أدمعي
إنّي إذا ذكر الهوى أمعنتُ في
شكوايَ ، ساكنةً فؤادي فاسمعي
رُغم الفصولِ فثوبُ حُسنكِ أخضرٌ
وحللتِ في الأرَضينَ أجملَ موضع
سبحان من وهب الجمالَ لغادةٍ
حسناءَ تخطرُ في جنانِ الأربُعِ
تطأُ الثرى قدماكِ في زهو الخطا
يا ليتها خطرت برقَتها معي
لا تعذلوني قد رضعتُ حليبها
وحنينها وتَقَلَبتْ في مضجعي
وظمئتُ يا روح الفؤاد لنظرةٍ
من سحر عينيكِ فرِقَي واسمعي
فأذقتني طعم الهوى وتركتني
أرنو إليك بما أبوحُ وأدّعي
وأرى لبُعدكِ نصلَ سيفٍ قاطعٍ
أخشاهُ والأيام آلةَ مصرعي
في مثلِ آلامي وحسرةِ مهجتي
لمّا ابتعدنا عنكِ لم أتَجَرَعِ
إنّي لأعرفُ أنّ كلّ مولَهٍ
قد هام في معشوقةٍ لم يرجعِ
أمّا التي أهوى ففي أحضانها
شعبٌ تربّى في النّعيم الأوسعِ
ويزيدني حُبّاً لها عُشّاقها
كلٌّ يشير لها بطرفِ الإصبعِ
أنا ما قصدتُ سوى فلسطين التي
باتت لفرط جمالها بالمطمعِ
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان/ أبو بلال
-------**
عتاب......:
وفي ( الفاروق) قد أمضيت عقداً
من الأعوام أنشىء في بنيها
وأثبت من حصادي كلَّ عامٍ
بأنّي من أجلّ النّاس تيهاً
فهل أُجزى عقوقاً وانتقاماً
بصمتِ شبابها و معلّميها
فكيف بواسق الأشجار تذوي
وتُجتثُّ الجذورُ لزارعيها
فهل للحقُ من صوتٍ جريءٍ
يقيمُ لنا العدالةَ نرتضيها
وكيف بقولةٍ من جهل طفلٍ
عرفناهُ بما يهذي سفيها
أبعد البذلِ مني نصف قرنٍ
يُقَيّمُني الرّعاعُ ومن يليها
ولكنّي أُعاتبُ من أراهُ
بسيف الحقّ منصورا وجيها
أضرّ بيَ الزمانُ وكنتُ قبلاً
أبذُّ العاديات وأزدريها
أبا رمزي إذا عُدنا فإنّا
بعون الله إخوانا نَعِيها
حسن كنعان
مدرس اللغة العربية
احد عشر عاما في الفاروق
-------------
السّرابُ الخادع :
شدّةُ العزمِ في اجتراحِ الخُطوبِ
وعنادٍ مع الزّمان اللعوب
فعيونُ الأحرارِ تقدح ناراً
طالعتنا بكلّ وجهٍ غضوبِ
أيّها العامُ قد طويتَ بساطاً
بلّلتهُ دماؤنا في الحروبِ
صُبَّ يا دهرُ من دنانكَ كأساً
واسقها لكلّ لاهٍ شَروبِ
قد تعوّدنا من العيشِ صعباً
لم تجد فينا رعشةَ المرعوبِ
ودمانا إذ خضّبتْ كلَّ شبرٍ
لم تُقابلْ بنظرةِ المعصوبِ
إنّهُ التاريخُ ينصفُ شعباً
تركوهُ يئنُّ بين الشعوبِ
وظننتم أنّ السّعادةَ فيكُم
إذ نأيتم عن الثرى المسلوبِ
خطّطوها وطبعوها ونادوا
من شروق الذُّكاء حتى الغروب
إنّ للأرضِ أهلَها فاستعدّوا
لانتقامٍ في الشرقِ أو في الجنوبِ
لم تزلْ يافا درّةً في بلادي
هيَ كالقدسِ في النّهى والقلوبِ
لا تعزُّ الأوطانُ إلّا بقومٍ
لم يهابوا الاعصار عند الهبوبِ
أيّها اللاهثون خلفَ سرابٍ
ما ارتويتم بمائهِ المصبوبِ
يا فلسطين جنّة الخُلد ضاعت
تُسألون عنها بيومٍ عصيبِ
كم ديارٍ أضعتُمُ بخلافٍ
تُسألون عنها بيومٍ عصيبِ
وعيوبٌ تغري العدوَّ جهاراً
واستعيذوا من كلّ تلك العيوب
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان/ أبو بلال--------
--------
الخطواتُ الأخيرة :
تَعَرّضَ لي في دُجْيَةِ الليلِ ناعبُ
فأدركتُ أنّي لاحقتني المتاعبُ
وأمضيتُ ليلي والجفانُ عليلةٌ
أُقارع أَحلامَ الشّقا وأُغالبُ
فما أصعبَ الأيامَ زاداً على النّوى
إذا كان بين العادياتِ المصائبُ
طريحُ فراشِ السُّقمِ عاماً ولم أزلْ
أهُزّ يراعي شائقاً وأخاطبُ
ولم أرَ إلّا صفوةً من اقاربي
ومن كنتُ بين المخلصين أُصاحبُ
بكيتُ كما يبكي الوليدُ مخافةً
من الموتِ قد هامت عليهِ العقاربُ
فما أقربَ الموتَ الزؤامَ من الذي
يظنُّ بانّ العُمرَ بحرٌ وقاربُ
وليس بمقرورٍ مع البردِ راجفٌ
ولكنّهُ من فُضّ عنهُ الأقاربُ
خلا العيشُ مما ندّعيهِ سعادةً
إذا غابَ بعد الأهلِ خِلٌّ وصاحبًُ
لقد أرهقتنا في الحياةِ وظائفٌ
وسطوةُ مسؤولٍ وهمٌّ وراتبُ
وها نحنُ من بعد( التقاعدِ) ضُيّعتْ
نضارتنا والوجهُ ذاوٍ وشاحبُ
قعدنا نراعي الموتَ حتى كأنّنا
نعُدُّ له الأيامَ والسّهمُ صائبُ
فما أصغرَ الدنيا وإن جلّ شأنُها
وما هي إلّا شقوةٌ و مطالبُ
لقد عاشت الأحقادُ فينا ولم تزلْ
تضِجُّ لها في كلّ حيٍّ مساربُ
إذا كنتَ في جنب الالهِ فلا تخفْ
فذنبكَ مغفورٌ لديهِ و غاربُ
هو الله من لا يملكُ الأمر غيرُهُ
ومن غيرهُ عند اللقاءِ يحاسبُ
وأفلح في دنياً وأُخرىً أخو تقىً
وليس يجيرُ المرءَ زِيٌّ وشاربُ
مراتبنا في العيشِ بالموتِ تنتهي
وتبقى أمامَ الله فينا المراتبُ
إذا ساءني يوماً غشومٌ وغالني
عفوتُ وما لي عندهُ ما أُناصبُ
هناكَ حياةٌ لا تَفَرُّقَ بعدها
ألا فلْيسارعْ من إلى اللهِ تائبُ
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان/ أبو بلال
------------
الله ربي .... :
لن أشكوَ الهمَّ والإقلالَ للبشرِ
فاللهُ يصرفُ بؤسَ الهمّ والضّررِ
فهل يُرَجّى من الأشجارِ يابسةً
لا فيءَ منها ولا جادتكَ بالثمَرِ
فالصبرُ أكرمُ عند اللهِ منزلةً
والرزقُ يأتي بما خطّت يدُ القدرِ
شكواكَ للنّاسِ تشفي بعضَ غِلِّهمُ
أمّا قلوبهمُ صمَاءُ كالحجر
من عندهُ المالُ والحاهُ العريضُ أبى
أن يدفعَ الشرَّ عن عانٍ ومُفتقرِ
للهِ درُّكَ يا فاروقُ كم لَهَجَتْ
بفضلِ عدلكَ من بدوٍ ومن حضرِ
طافَ الخليفةُ بين الدّورِ مسترقاً
سمعَ الشكايةِ من عانٍ و من أشِرِ
بدرٌ على الأرضِ يمشي حيث
يؤنسهم
للهِ درّكَ يا فاروقُ من عُمَرِ
ذهبتَ للناسِ تؤتي الناسَ سؤلَهمُ
من قبل سعيِ أخي الحوجاء في الأثر
العمرُ في راحةٍ للبالِ محتسبٌ
لا يُحسبُ العمرُ في طولٍ وفي القِصَرِ
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان/ أبو بلال
----------
زايد الخير.... رحمه الله :
يا زايدَ الخيرِ أنتَ العزم والجودُ
وكلُّ أمركَ في دنياكَ محمودُ
رحلتَ عنّا إلى جنّاتِ خالقنا
حيث النّعيم الذي ترجوه موجودُ
يا صاحبَ الكفّ بين النّاس تبسطها
ومثل فضلكَ بينَ الأهلِ مشهودُ
كم رحتُ أبعثُ فيك الشعر منتشياً
بخير لحن له والشاهدُ العودُ
وكنتُ أطمعُ أن ألقاك مغتبطاً
ومن ينالُ الرضا منكم فمحسودُ
وجاءَ بعدكَ من تُرجى رفادتهُ
فمنكَ ينسلُ من أهل النهى الصّيدُ
رحلتَ والنّاسُ ترجو الله مغفرةً
ورحمةً منهُ إنّ الشّيخَ موعودُ
يا زايدَ كلُّ النّاسِ تحمدهُ
أُمٌّ وثكلى ومُعْتَرٌ ومولودُ
يا ليتني كنتُ ألقى الشيخَ مفتخراً
إنّ الذي يلتقي بالشّيخ مجدودُ
أنزلهُ يا ربُّ في الجنّاتِ منزلةً
بها النبيّون والأشهادً والصّيدُ
تحيا الإماراتِ في أفياءِ من عُرفوا
بالبذلِتشهدهُ الأريافُ والبيدُ
رحم الله سمو الأمير الشيخ زايد
ووفق سمو الأمير محمد بن زايد
شاعركم الوفيّ
شاعر المعلمين العرب
حسن محمد كنعان
---------------------
واقعُ الأمة :
قد يَكْذِبُ الحال ما لا ينكرُ البصرُ
وكلّ أمرٍ له في ما يرى أثرُ
فالخيلُ ترمحُ في الميدانِ مقبلةً
ولا تنازعها في عدوِها الحُمُرُ
والنّاسُ تفنى ويفنى كلُّ ذي نَفَسٍ
تحيا زماناً على ترحالهم سِيَرُ
أقْصِرْ أخا اللؤمِ إنّ اللؤمَ مثلَبَةٌ
بهِ يُقَتّلُ في أحقادهم بَشَرُ
كم أيقظوا فتنةً عمياءَ تحصُدُهم
كانوا وقوداً لها والنّارُ تستعرُ
هذي فلسطين ُ ما لانت لغاصبها
كم من غُزاةٍ على أعتابها قُبِروا
تَبّعْ وطبِّعْ فلن يُجديكَ ما عرضوا
فأنتَ جسرٌ إلى الأهدافِ إن عبروا
من خانَ أهلاً لهُ وانحازَ مُرتضياً
ذُلَّ الحياةِ بكلِّ الخزيِ يُحتقرُ
واللهُ يعلمُ أنّ المالَ مُنتهبٌ
يلُمُّهُ الخصمُ منكم وهوَ منتصِرُ
لنا لسانٌ عفيفٌ لا يقارعكم
وأنتمُ حجرٌ، هل يعقلُ الحجرُ
لكنّهُ راحَ في كفّيْ طفولتنا
في أرضِ كنعانَ يحكي الصخرُ والشجرُ
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان / أبو بلال
----------------------
مسيرةُ شاعر:
سقاني الدهرُ من مُرّ الشّرابِ
فلم أُسلمٍْ لهُ واشتدّ ما بي
أأندبُ همّتي أم ذاكَ حظّي
فما أجدى ملاميَ أو عتابي
أقارعُ ما وعيتُ الهمّ حتّى
رأيتُ الهمّ لا يرضى اجتنابي
وقيلَ بأنّني مذ طرّ ظفري
أميلُ إلى الشّقاوةِ والتّصابي
وفوقَ مقاعدِ الدّرسِ استقامتْ
سجيّةُ شاعرٍ سمحِ الجنابِ
أُسابقُ بعضَ أقراني بشعري
وأرفعُ رايتي فوقَ السحابِ
وفي بيروت كان الشعرُ عندي
كسحرٍ في الصبايا والشّبابِ
وأنصفني بها القَدَرُ انتصاراً
لصدق مشاعري بين الصّحابِ
سألتُ اللهَ أن أحيا سعيداً
فكان : أجلْ ، من المولى جوابي
جزى الله الليالي حالكاتٍ
جلت عن ظلمةٍ ملكت لبابي
ولم أنس برغم البعدِ أهلي
وأياماً مضتْ غضَّ الإهابِ
ذرعتُ الأرضَ في شرقٍ وغربٍ
ولم يفتكْ بعاداتي اغترابي
أنا ذاكَ الفلسطينيُّ أهفو
بقلبيَ للسّهولِ وللهضابِ
كأنّ اللهَ خصّكِ يا بلادي
بأنعمه إلى يومِ الحسابِ
فكم غاز أتاك يعيثُ ظلماً
وعاد يجرُّ أذيالَ المَصابِ
بك الشّعبُ الذي ما ذلّ يوما
لاجناد احتلالٍ واغتصابِ
سيرجعُ كلّ ما بكِ يعربياً
بأطرافِ الأسنّةِ والحرابِ
فلا إجرامُ محتلٍ حقودٍ
ولا تطبيعُ مُرتدٍّ معابِ
لأنّ الصقرَ موطنُهُ الأعالي
وبومُ الشّؤمِ تحيا في الخراب
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان/ أبو بلال----------
------------
وصيّة شاعر ؛ بحر البسيط
ذئبُ المنيّةِ يعدو فاغراً فاهُ
كأنّ أمراً بشأني قد تلقّاهُ
حتى رأيتُ شريط العمر مرّ كما
لو كنتُ من قبلُ لم أُخلق وأحياهُ
وللنصيحةِ أبوابٌ مفتّحةٌ
العمرُ ماضٍ تعلّمْ كيف تحياهُ
خُلِقتَ يا أيّها الإنسانُ من تُرَبٍ
لتعبدَ اللهَ في الدّنيا وتخشاهُ
لا تشكُ همّكَ بين الناس إنّ لنا
ربّاً كريماً قد امتدّت عطاياهُ
والابتلاءُ بنقصٍ في فضائلهِ
دليلُ قربٍ بأنْ قد فرّجَ اللّهُ
ومن سعى يرتجي في النّاس بغيتهُ
فسوف يرجع عنهم خابَ مسعاهُ
وكلّما أفرزتْ دربي مواجعها
ناديتُ: عفوكَ في البأساء، ربّاهُ!
لا تُسلِموا قدسنا الأغلى وجنّتنا
فاللهُ شرّفها قدراً بأقصاهُ
وحاذروا اليومَ إنْ قامتْ قيامتنا
لا المالُ يشفعُ فيه لا ولا الجاهُ
هيَ المصابيحُ في الأجداثِ تؤنسنا
والقبرُ تجعلهُ قصراً بسكناهُ
وندخلُ الجنّةَ العذراءَ تكنفنا
حورُ الجنان وولدانٌ وأمواهُ
ونشربُ الماءَ من كفّي مشفِعِنا
والحوضُ ، بالطاعةِ المُثلى وردناهُ
ليتَ المنيّةَ والأقدارَ تمهلني
حتى أُصلّيَ في أحضانِ مسراهُ
أموتُ والظنُّ بالرحمنِِ أُحسنُهُ
وخيرُ ما أبتغيهِ منهُ رحماهُ
كم قد مرضتُ فصحَّ الجسمُ من عِلَلٍ
وكم فزِعتُ إلى مالٍ فأعطاهُ
أنا المُقَصِّرُ لكنّ الذي ملكتْ
أرواحنا كفُّهُ، يهوى ونهواهُ
غُفرانكَ اللهُ، لا تحملْ مساوئنا
بكيلنا ، بل بعدلٍ أنتَ مولاهُ
الموتُ حقٌّ على الأحياءِ فانتبهوا
لا يقبلَنْ أحدٌ دنياً بأُخراهُ
ومن تقبّلَ مني ما نصحتُ بهِ
فليرقبِ العفو منهُ يومَ لُقياهُ
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان / أبو بلال
١١/١١ /٢٠٢٠
------------------
كلنا نحبها : البحر البسيط
ارخي الظّفائر والوي غُرّةِ القمرِ
منكِ الجمالُ ومني العاشقُ العُمَري
إذا وطئتِ الثّرى فالرّفقُ من عُجُبٍ
كلمسةِ الرّيشة الغنّاءِ للوترِ
ميسي بقدّكِ يا غصن الهوى فأنا
نظمتُ فيكِ مُحِقاً أجملَ الدّررِ
لا لا تظنوا بأنّ الحُسنَ تطريةٌ
أحنو إليهِ بقلبِ العشقِ والنّظرِ
العُمرُ يُحسبُ في سعدٍ وفي سعَةٍ
لا يُحسبُ العمرُ في طولٍ وفي القِصَرِ
أُقيمُ لا أرتضي التّرحالَ في كبدٍ
إنّي رأيتُ عذابَ النّفسِ في السّفرِ
هذي فلسطين ُ ما شاختْ ملامحها
فَتِيّةُ العمرِ لم تخضعْ معَ الكِبَرًِ
عُشّاقُها كلّهم قد قالَ قائلُهم
إنّتِ هوانا فداك الرّوحُ فاصطبري
عروسَ أوطاننا تُجلى لذي شرفٍ
ويرتمي راعشٌ من سطوةِ الخَوَرِ
وغُيِّبَ الأهلُ حولَ القدسِ من عربٍ
فأرهقتهم ألاعيبٌ بلا حذرِ
وسادت الفتن ُ الحمقاءُ بينهمُ
لم يبقَ يسترُ من دارٍ ومن شجر
وشُتّتوا في مناحي الأرضِ ما عرفت
فيها الكرامةُ في التهجير للبشر
هلّا حسبتم تراخيكم سيبعدكم
عن ساحةِ الموتِ في ريفٍ وفي الحضرِ
وطأطأت فيهمُ الهاماتُ يثقلها
خزيُ اناخ به خوفاًً من الضّرَر
ظلّتْ فلسطين ُ تاجَ العزّ نرفعهُ
فوقَ الرّؤوسِ ولم تخضعْ لمُحتقرِ
لا يدفعُ الشّرَّ عنّا مثلُ وَحدتنا
والدّين في كفّنا سيفٌ من القدرِ
لا باركَ اللهُ في من باعَ أُمّتهُ
ولاذ بالخصم يرجو فضلَ منتصرِ
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان / أبو بلال
٨/١١/٢٠٢٠
----------------
فداكَ يا رسولَ الله :
رسولَ اللهِ أنت لنا الإمامُ
ومنكَ أتى لدنيانا السّلامُ
بسيف الحقِّ في يدِ كلّ حُرٍّ
أضاء الصّبحُ وانقشعَ الظّلامُ
وشَرّفَنا الإله بأن حمَلنا
لواء الدينِ وامتدّ الزّحامُ
وسارت بالهدى شرقاً وغرباً
زحوفُ الحقّ ظلّلها الغمامُ
إلى الصّين العصيّةِ قد وصلنا
وقرّ جنوبَ باريس المقامُ
حكمنا يابس الأرضين حتى
كأنّ الدين للدنيا نظامُ
وكان ولاؤنا للدين صُلنا
وفرّقنا التباغضُ والخصامُ
وكم من حاقدٍ لا زال يرجو
مهالكنا وأمّتنا نيامُ
وما دام الكتابُ لنا إماماً
فنحنُ على المدى الصّيدُ الكرامُ
دعوا في الغربِ أغراباً تعاوت
على من كان ظلّلهُ الغمامُ
تكالبت الخصومُ على حمانا
وظنوا الأرضَ مُرتبعا فساموا
فنحنُ فداك يا من عشتَ فينا
يهون على محبّيكَ الحِمامُ
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان/ أبو بلال
-------☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆
قصرُ الهوى ٠٠٠ :
وَلِهَ العاشقُ حتى قيلَ جَنْ
كُلّ ما جدَّ سيطويهِ الزّمنْ
كلّما مرّتْ فتاةٌ قربَهُ
قال: ويحي ، هذه الحسنا لمن؟
يا لمفتونٍ بحسنٍ غرّهُ
لم يرَ إلّا جمالاً مُدّهَنْ
كنتُ في شرخِ الصّبا لا أرتضي
غيرَ من تسكن في القلب ولنْ
فإذا الأقدارُ تهديني التي
كان قلبي في هواها مرتهنْ
ومضى العمرُ أغني فَرَحاً
وأحلنا جنةَ الدنيا السّكنْ
كلُّ شئٍ بعدَ أنْ صحّ الهوى
قلبَ الدّهرُ لنا ظهرَ المجنْ
كلّ ما ناشدت ربي نالني
لم يغب فالحمد موصولٌ لمنْ
فضلهُ ما زالَ حيّاً بيننا
وكلانا في هواهُ مؤتمنْ
وإذا حنَّ فؤادي للهوى
قلتُ : ما بعد الهوى إلّا الكفنْ
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان / أبو بلال
-------------------
:
شعراءُ على الرصيف :
عليلٌ ولم يدر الأطبّاءُ ما بيا
ولم ألقَ في دنيا النّفاقِ دوائيا
أُطِلُّ على الأبراجِ من تحت أخمصي
وأسبحُ في دنيا القوافي مناجيا
وأسمعُ في الليلِ البهيم هراءهم
يلجّ وما في القول ألفيتُ شافيا
يثرثرُ مهرافاً لما قد يظنّهُ
من الشعر شعراً فاستحال مرائيا
أنا الشعر عندي في التهاب مشاعري
ولحن قويم يتركُ المرءَ صاغيا
فيا لهفَ نفسي حينما أذكرُ الأولى
وكُلٌّ مضى في روضةِ الشعر حاديا
أزاهيرُ أفنانٍ وما جفّ عودها
يردون بالسّحر الحلالِ العواديا
فلا تُظلَمُ الأشعارُ والحرفُ شاهدٌ
ولن تجدوا في حومةِ الشعرِ راضيا
أتشربُ من ماءٍ تعكّرَ صفوُهُ
وفي الأرضِ ماءٌ قد قد بدا لك صافيا
تَقَحّمتُ ساحات السّباقِ فتىً فما
بها جازني تِرْبٌ وفاضَ وعائيا
فلي الصّارم البتّارُ إن خُضت شاهراً
وارجعُ عن فتكي بذي الكبر راضيا
وزادي بما أبليتُ ديني ومنبة
وما زلتُ للأخلاقِ والودّ راعيا
ولم أتجنّبْ جادةَ الحقِّ إذ بدتْ
ولستُ لغير الحقِّ في النّاس راعيا
ففي كُلّ أشعاري أظلُّ منافحاً
عن الدّين والقدسِ الشريف مناديا
فلا عاش بعد القدسِ في الكون منزلٌ
لعلّ إلهَ القدسِ يقضي دعائيا
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان
١٠/١٠/ ٢٠٢٠
------------------------
مجلة هاملت الادبية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق