الأحد، 18 يوليو 2021

العيد // بقلم الشاعر محمد خادم نبيش // اليمن

 العيد


بدا متعبَ الخطواتِ يمشي مُهَشما

ينوءُ ليهدي للسعادةِ مَعلَما


وكانت مراسيمُ الغروبِ أمامَه

كمحفلِ أعراسٍ  تضمنَ مأتما


هنالك قرصُ الشمس يُهراقُ دمعُه

ويسكبُ في جفنِ الدجى دمعَه دما


ويبدو هلالُ العيدِ من حمرةِ الأسى

كثغرٍ غضوبٍٍ هَمَ أن يتبسما


كعصفورةِ حيرى تَغَيبَ عُشُّها

كومضِ ابتسامٍ لم يجد بينهم فَمَا


يصدون لا كرهاً ولكن جراحُهم

تقولُ لهم ما عاد ذا العيدُ ملهما


يطلُ من الشرفاتِ والقلبُ موصدٌ

وتَسَّاقطُ الأزهارُ من حُرَقِ الظما


فلا اللونُ لونُ العيدِ ، لا الطعمُ طعمُه

ألم يَكُ قبلاً يزرعُ الأرضَ  أنجما


يعيرُ القلوبَ المتعباتِ جناحَه

ويهمي على الجرحِ المُضَرَّجِ بلسما


على صهواتِ العيدِ يختالُ عاشقٌ

وما مُغرمٌ إلا ويلقاه مغرما


وفرقعةُ الأطفالِ من كلِ وجهةٍ

وألعابُ نارِ العيدِ تحتضنُ السما


والعابُ نارِ العيدِ كانت جميلةً

كبرنا ونارُ العيدِ أضحت جهنما


 تمدُ سحابَ الحزنِ فوقَ رؤوسِنا

فلا حزنُ إلا فوق أرؤسِنا همى


هي الحربُ إلا أن ترى العينُ ضدَها

وأن لا أرى دربي بموتي مُلَّغَما


هي الحربُ دمعاتُ الثَكالى شرابُها

ومن لحمِنا تستمرئ اليومَ مطعما


هناك ترى طفلاً يفارقُ كفَه

وطفلاً بلا ساقٍ وطفلاً  تَيَتما


وطفلاً له عقلٌ و روحٌ بأرضِه

وجسمٌ بأقصى شاطىءٍ الحزنِ خَيَّما


وقد سرقوا منه ابتسامةَ عيدِه

أذا ابتسموا للعيدِ زاد تَجَهُما


حُزِيْمَات سعفٍ قد تهرا ، تظله

وشوكُ (سلامِ) يعشقُ اللحمَ والدما


تشبثَ إن رامَ النهوضَ بثوبِه

تشبُثَ ملهوفٍ غدا فيه مغرما


وكم قَدَّ من دُبْرٍ وقُبْلٍ ثيابَه

وظلت ثيابُ الطهرِ تأبى التأثما


على بطنه يسراه تمسكُ جوعَه

ويمناه لا تسطيعُ أن تصلَ الفما 


تسافرُ في خديه دمعاتُ بؤسه

ولما تنل خداه ما يطفيءُ الظما


أيغفو وفي عينيه أقذاءُ صحوه

أيصحو ومحضُ الصحوِ أضحى توهما

 

يحاصرُ هذا الصحو بالغم قلبَه 

فَجلُّ الأماني أن ينامَ ويحلما


سيحلم  فجراً بالسرور مضمخاً

يعانق أرواحاً ويفترُّ برعما


سيحلم عيداً ذات سعدٍ يضمنا

ويعلو على حجب الغيوم مُحَوِّما


سيحلم أن يصحو وتجار حربنا

تهاووا وأضحوا ساكنين جهنما


أمانٍ جميلاتٌ تسيل براءةً

وتطلب منا أن نسيل لها دما


لنغدو  ابتسامات تزين ثغرهم

نمد من الأرواح جسراً وسلما


تعبنا ودمع الفقد ينزفنا معاً

وسيف النزوح العضب للقلب قَسَّما


تعبنا وشيخٌ يطعم الريحَ دمعَه

ويسأل عن عهدٍ جميل تَصَرَّما


تسيحُ مع الذكرى تقاسيمُ وجهه

ويستشرفُ الأيامَ من ومضِ رُبَّما


يمدُ إلى الأنسامِ أنفاً مُوَلَّهاً

بعطرِ بلادِ في مراتعِها نما


فتزجي له الأنسامُ بارودَ موتٍها 

فيطرقُ والأنفُ الأشمُ تهشما


سرى في تجاعيدِ البسيطةِ طرفُه

لتخبرَه العينُ البصيرةُ بالعمى


فلا عطرُ هذي الأرضِ يشبه عطرَها

ولا في سماها ما يذكرُ بالسما


ولا بردُ ذاك الرملِ يلثمُ خدَه

إذا ما دنا ليلُ على دعصِه ارتمى


دروبُ النزوحِ المرِ تنكرُ خطوَه

وينكرُ منه الكفُ زنداً ومعصما


بيومٍ بلا أوجاعِ لم تاتِ شمسُه

فكلُ شروقٍ بالظلامِ تعتما


ولكن لنورِ العيدِ في القلبِ موعدٌ

إذا اقتلعَ الشعبُ الطغاةَ وحطما


وتذهبُ غيماتُ الدخانِ وحربُهم

وتحتضن الأرضُ السلامَ لتنعما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

محمد خادم نبيش

اليمن



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق