الأحد، 4 يوليو 2021

(علم القوافي .. و قواعدها) للأستاذ خالد خبازة


   (علم القوافي .. و قواعدها)

للأستاذ خالد خبازة

-------------

----------------------

خالد ع . خبازة 

في


   (علم القوافي .. و قواعدها)


تنسيق و تبويب الشاعرة و الأديبة 

م . فاتنة فارس / لبنان 

مقدمة


نظرا  لما لأهمية القافية من أثر هام  في بناء البيت الشعري .. و بالتالي  في بناء القصيدة العمودية ككل . 

و لما كنت دائما أقول : 

القافية .. أولا

فالقافية هي باب القصيد .. و مدخلك الى القريض 

فلا شعر  دون قافية .. كما  لا بيت دون روي  

وهي الباب العريض .. لدخولك  القريض

و نظرا لما لأهمية القافية في نظم الشعر .. و لما لاحظته من أنه مازال هناك الكثير من شعرائنا الأحباء يقعون  في اخطاء فاحشة فيها  .. حتى كبارهم 

و حيث أنه لم يسبق لأحد من قبل .. أن بحث هنا في الشابكة الالكترونية . بما يتعلق بالقافية و قواعدها و حروفها  و عيوبها ..و التي ربما كان الكثير لم يكن سمع بها من قبل  .. و التي افخر ان أكون اول من بحث فيها هنا  

لذلك  فقد قررت عمل كتاب واف كاف .. يتعلق بموضوع القافية ..و حروفها و العيوب التي تقع فيها .. 

و هو تجميع ما كنت نشرته في صفحات المنتديات الآلكترونية  من بحوث .. و يعتبر  أول كتاب حديث ينشر يتعلق بهذا الموضوع .. و الذي لا بد منه  لكل  شاعر أو ناظم ..  مع العلم أنني استقيت مواضيعه بالمجمل من العديد من كتب التراث التي تتعلق بالموضع .. من أهمها 

1- كتاب " القوافي " للأخفش الاوسط أبي الحسن سعيد بن مسعدة البلخي  .

2- كتاب " القوافي " لأبي يعلى التنوخي 

3-  كتاب " نضرة الاغريض في نصرة القريض " للمظفر العلوي 

3 – كتاب العمدة  لابن رشيق القيرواني

و هناك العديد من الكتب التراثية  الأخرى التي خصصت جزءا من مواشيعها فيما يتعلق بالقافية  .

و بتوجيه من الدكتور الشاعر العراقي ثائر السامرائي .. رئيس منتدى " هاملت .. للابداع الأدبي للشعر و القصة "  فقد تم تجميع من كان قد تم نشره من بحوث حول الموضوع .. و تم تنسيقه من قبل عدد من الزملاء و الشعراء الذين ساعدوا في تقديم هذا المنجز .. و اشير هنا الى كل من الشعراء  الرائعين و الأساتذة :

1-  الشاعرة فاتنة فارس من لبنان 

2- الشاعرة و الأديبة  سعاد الأسطة من سورية 

3- الشاعرة و الاعلامية  ليلى زرزور من سورية 

4- الشاعر ناظم الفضلي من العراق 

5 – الشاعر عبدالباري الصوفي من اليمن 

لهم جميعا شكري و تقديري من القلب 

و الله ولي التوفيق .

و اضيف :

-----------

تعرض علم العروض للكثير من البحث و الدراسة , و قام الكثير من كبار شعرائنا و دارسينا ، بالتعرض لموضوع الأوزان الشعرية و بحور الفراهيدي الخمسة عشر و التي زاد عليها أبو الحسن  سعيد بن مسعدة البلخي الملقب  " الأخفش الأوسط " البحر السادس عشر  . . ولم يتركوا  فيها أي زيادة لمستزيد . الا أن قليلا منهم من بحث أو تحدث في علم " القافية " و الحروف التي تتألف منها , أو تحدث عن عيوبها التي كثيرا ما يقع فيها عدد من الشعراء , خاصة منهم المستجد  . 

ونظرا لما لعلم القافية من أثر في بناء القصيدة و سلامتها وما لها من أثر في الشعر العمودي بشكل عام . فقد ارتأيت أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع باحثا في أحرف القافية و العيوب التي تطرأ عليها و التي يجب على الشاعر تجنبها .. أخذا بأيدي الشعراء الجدد الذين يحاولون كتابة الشعر العمودي ..ليكونوا على بينة من أمرهم واطلاع بيّن , فيتجنبوا الوقوع في أي خطأ من أخطائها . و لا أرجو من وراء ذلك الا كرضاة الله تعالى .

 و الله ولي التوفيق .

------------------------------

خالد ع . خبازة

علم العروض و القافية  

 ----------------

علم يتعلق بالوزن الشعري ، و بالشروط  التي يتوجب  على الشاعر التزامها في نظم قصائده . 

و لا بد من القول ، ان كثيرا  من قدماء الشعراء ، كان  قد وقع في أخطاء في القافية  ، كما حصل مع النابغة الذبياني ، و الفرزدق و غيرهما من الشعراء . لا مجال لذكره هنا  .

 أقول : كيف لنا أن نتذوق الشعر العمودي بشكل صحيح ، ان لم يتهيأ لنا الشعور بوجود الخطأ فيه ؟ .. وكما أن المتلقي ، لا يستطيع فهم المعنى الصحيح في شرح بيت من الشعر ما لم يكن ملما بالنحو  و الصرف في اللغة العربية ، كذلك فان  تذوق المعنى الجميل لا بد فيه للمتلقي و للشاعر من أن يكون ملما الى حد ما بالموسيقى الشعرية  ، يتلمس بأذنه  مكامن الخطأ فيه ، فيكون فهمه للمعنى و تذوقه لموسيقا الوزن صحيحا و سليما .


ان بحور الشعر و أوزانها ، أضحت معروفة ، وقد درسها أغلبنا في المدارس و المعاهد و غيرها .. و هي البحور الخمسة عشرالتي وضع قواعدها الخليل بن أحمد الفراهيدي و زاد عليها " الأخفش الأوسط " ، البحر السادس عشر . لذا لن أخوض في أوزانها و عيوبها ، فهي بحر لا قرار له ، الا ما ندر .. و على سبيل المعلومة الطارئة .

وسأبحث فقط  في القافية و في  عيوبها ، مستعينا  بما وقع تحت يدي من  كتب التراث ذات الموضوع  . 



في أحرف القافية :

------------------

قبل البحث في موضوع القافية وعيوبها  .. علينا أن نتعرف على حروفها أولا.. و ما هي هذه الحروف و ما تسمياتها .. و من أي حرف تبدأ القافية .. و بأي حرف تنتهي . .

يعتقد الكثير .. أن القافية هي هذا الحرف الأخير الذي ينتهي به البيت الشعري كاللام  او الراء ، او الباء أو غيرها .. فهذا الحرف ليس ما يسمى بالقافية , و انما  لا يعدو كونه جزءا منها وواحدا من  أحرفها ,  فاذا أطلقنا عليه اسم القافية .. نكون قد أطلقنا اسم الكل على الجزء . 

وهذا الحرف الأخير من القافية وهو الذي يتكرر في كل أبيات القصيدة , هو ما يسمى حرف " الروي " .

فالقافية هي في الحقيقة  الكلمة أو  مجموعة الحروف التي ينتهي بها البيت الشعري ، و يتحدد مجموعها  بما يلي :

 علينا ان ننظر أولا ..  الى آخر حرف ساكن في البيت و.. والذي يسبق حرف الروي .ز و الحرف المتحرك  الذي قبله مباشرة .. ثم نأخذ  الأحرف التي بعد هذا الحرف الساكن ..   و بالتالي  تكون القافية هي مجموع الحروف من الحرف المتحرك ما قبل الحرف الساكن الخير و حتى نهاية البيت ,, و هذه هي ما يسمى بحروف القافية .

 فمجموع هذه الحروف ،  هو ما يسمى " حروف القافية " 

و يسمى الحرف الأخير المتكرر في الأبيات  " الروي " فيقال قصيدة رويها باء أو لام أو جيم ..الخ .. 


و بالتالي ، لكي تكون القصيدة متوازنة و القافية مطمئنة وسلسة عذراء لا خطأ فيها ، يجب أن تكون مجموع هذه الحروف في البيت و ما يليه من أبيات منسجمة و متفقة  في حركاتها ،  فاذا اختلت حركة حرف منها ، اختلت معها القافية  ، و اعتبرت القافية معيبة ..

 و ليس المقصود بانسجام حروف القافية  تكرار هذه الحروف .. و انما يجب أن تكون هذه الحروف متفقة و متوافقة من حيث الحركة و السكون فيما بينها وفي جميع الأبيات اللآحقة ، كقول المتنبي :


و اني لمن قــوم كأن نفـــــوسهم ... بها أنَفٌ أن تسكن اللحمَ و العظْما 

كذا أنا يا دنيا ، اذا شئتِ فاذهبي ... و يا نفسُ زيدي في كرائهها قدْما 


ففي البيت الأول : نرى أن أحرف القافية هي " عظما " 

أي  كل من حرف  .. العين .. و الظاء..  و الميم ..  و الألف .. ع . ظ . م . ا  

فالحرف .. ظ ..  هو الحرف الساكن الأخير ما قبل الروي .. و الحرف .. ع ..  هو الحرف المتحرك الذي يأتي قبله مباشرة .

أما البيت الثاني : فان حروف القافية هي " قدما "  ق . د . م . ا   .. فحرف الدال هو آخر حرف ساكن قبل حرف الروي ، و القاف هو الحرف المتحرك قبله مباشرة .

نلاحظ هنا في البيتين المذكورين , مدى الانسجام في أحرف القافية , من حيث توافق  الحركة و السكون فيهما .

و لو أردنا تكملة الأبيات فسنجد حروف القافية تماثل : 

  " سهما ، لحما ، شحما ، دهما ..الخ .. " 

 و بالتالي فاننا لا نستطيع أن نضع كلمة تتكون من مجموعة من الحروف تماثل هذه الكلمات :

 "  راحما ،  قديما ،  سموما "  أو "  قِمَما ، قَسَما . رَجَما "

 بالرغم من أن الروي  المتكرر دائما هو حرف الميم ..  الا أن حركات هذه الأحرف  لم تلاق انسجاما و لا توافقا مع حركات  حروف القافية الأصلية التي ابتدأنا بها ببيتي المتنبي  ..  

 و بالتالي فقد اختلت حركات القافية و أصاب القافية العيب . 


--------------------------------------------------------------


القافية كما جاءت في كتب التراث :

--------------------

جاء في كتب التراث عن الشعر و  القافية ما يلي : 

قال بعضهم : يقوم الشعر بعد النية على أربعة أشياء  :

 اللفظ ..  الوزن..  المعنى .. و القافية . 

و القافية هي الكلمة الأخيرة في البيت .. و سميت قافية لأنها تقفو الكلام ، وانما قيل لها القافية لأنها ليست بالحرف ، ولأنها مؤنث .

و يقول ابن رشيق القيرواني :

القافية شريكة الوزن في الاختصاص بالشعر ، و لا يكون شعرا ، حتى يكون له وزن  ..  و قافية .

و اختلف الناس في القافية ما هي :


وجعل بعض العرب البيت قافية  . قال حسان بن ثابت :


ونحكم  بالقوافي من هجانا ... و نضرب حين تختلط الدماء 


و احتج البعض  بقول سحيم عبد بني الحسحاس :


أشارت بمدراها و قالت لتربها ... أعبدُ بني الحسحاس يزجي القوافيا 


و بعضهم يجعل القصائد هي القوافي ، قال بعض العرب : القافية هي  القصيدة . ثم أنشد : 


و قافية مثل حـــد السنـــا ... ن تبقى و يهلك من قالــها 

نطقت ابن عمرو فسهلتها ...  و لم ينطق الناس أمثالها

يعني القصيدة  .

و هذه الأبيات للخنساء  

و هناك من قال انها الحرف الأخير المتكرر  .. 

 فلو كان هذا صحيحا لكان في قول الشاعر :


يا دار سلمى يا اسلمي ثم اسلمي 

مع قوله :

فخندف هامة هذا العالم   (2)


غير معيب بوجود ألف التأسيس في قوله  العالم   . 

و لو كانت الحروف هي القوافي .. لاتفقت القافية في قولنا  : 

قال  .. في بيت 

 و قيل  ..  في بيت آخر 

و القافية عند الخليل  .. ما بين أخر حرف من البيت الى أول ساكن يليه مع المتحرك الذي قبل الحرف الساكن . أي أنها الساكنان الأخيران من البيت و ما بينهما مع الحرف المتحرك  قبل الساكن الأول منهما  . فعلى هذا القول تكون القافية في قول الشاعر  :


اذا ما أتت من صاحب لك زلةٌ ... فكن أنت محتالا لزلته عذرا 


 تكون القافية حركة العين و الذاي و الراء و الألف  أي كلمة " عذرا " .. و في قول الآخر  :


و ليس الغنى و الفقر من شيمة الفتى ...  و لكن حظوظ قسمت و جدود 


فتكون القافية هنا هي  حروف..  الدال الأولى و الواو و الدال الثانية و الواو .. أي ما مجموعه " دودو " ..

باعتبار أن الضمة في حرف الروي تعتبر واوا . 

و القافية  مختلف فيها :

 فعند أبي الحسن الأخفش ، و من تابعه من المقفين .. أن القافية هي آخر كلمة في البيت ، و قال : 

انما سميت قافية ، لأنها تقفو البيت . 

و عن النضر بن شُمَيْل و مُؤرّج و أبي عمر الجرمي .. أنها النصف الأخير من البيت . و قيل انها البيت بكامله ، و قيل بل القصيدة بمجملها . 

و عند الخليل بن أحمد : 

أن القافية من آخر البيت ، الى أول ساكن يليه مع المتحرك الذي قبل الساكن ،. و على قوله الاعتماد .

 فان القول ما قالت خزام . 

و القافية تقسم الى ثلاثة اشياء :

 اصول و حروف و حركات .

 و من بين حروف القافية حرف " الروي "  . 



في أنواع القوافي :

-----------

القوافي كما يقول  الأخفش الأوسط صاحب كتاب " القوافي "  :

ثلاثون قافية  ، يجمعها خمسة أسماء  : 

متكاوس ، متراكب ، متدارك ، متواتر ، و مترادف .

  فللمتكاوس : منها واحدة ، فهي كل قافية توالت فيها أربع حركات بين ساكنين   . و ان اشتقاق المتكاوس من قولك : تكاوس  الشيء ، اذا تراكم ، فكأن الحركات لما تكاثرت فيه ، كأنها تراكمت  ..   كقول العجاج :


قد جبر الدينَ الالهُ فَجَبَرْ

و كقوله أيضا :

هلا سألت طللا وَ حَمَما 


 وللمتراكب  أربع قواف  وهي كل قافية توالت فيها ثلاثة حركات بين ساكنين . مأخوذ من قولنا : تراكب الشيء اذا ركب بعضه بعضا . كقول الشاعر  (1) :


و ما نزلتُ من المكروه منزلة ... الا وثقت بأن ألقى لها فَرَجا 


 و للمتدارك ست قواف  وهي كل قافية توالى فيها حرفان متحركان بين ساكنين , كقول زهير بن أبي سلمى : 


و من يك ذا فضل فيبخل بفضله ... على قومه يستغن عنه و يذمَمِ


كأن الحركتين تداركتا فيه 

و للمتواتر سبع قواف وهي كل قافية فيها متحرك واحد  بين ساكنين  . كقول أبي خراش  الهذلي : 


حمدت الهي بعد عروة اذ نجا ... خراش ، و بعض الشر أهون من بعْضِ 


وهو مأخوذ من الوتر ، يعني الفرد 


و للمترادف اثنتا عشرة قافية ، و هي كل قافية كان آخرها ساكنان و يقال له المترادف لأنه ترادف فيه ساكنان ..  كقول الشاعر :


مَنْ عائدي الليلة أم مَنْ نصيحْ ...بتُّ بهمٍّ ففؤادي قريحْ


أو كقول الآخر  :


رفّعتَ أذيال الحفي و أربعْنْ ... مشي حيياتٍ كأن لم يفزعْنْ

ان يُمنع اليوم نساءٌ يُمنعْنْ

----------

الحروف اللازمة  للقافية


الحروف اللازمة  للقافية ، هي :

التأسيس .. الردف ..  الروي ..  الوصل .. الخروج   .. 

و نبدأ أولا  ..  بالحديث عن حرف الروي 

 

و  حرف الروي  :


هو الحرف الذي تبنى عليه القصيدة ، و يلزم في كل بيت منها في موضع واحد . 

نحو قول الشاعر :  


اذا قل مال المرء ، قل صديقه ... و أومت اليه بالعيوب الأصابع


حرف  .. العين ..  هنا ، هو حرف الروي وهو لازم في كل بيت  . 

و جميع حروف المعجم  تكون رويا ، ما عدا :

1- الواو و الياء و الألف .. 

 الزوائد السواكن اللواتي تتبع ما قبله .. فانها لا تكون رويا البتة .

2- الف التثنية ، و واو الجمع ، و ياء ضمير المؤنث .. 

لا تكون رويا .

3- الألف المبدلة من التنوين ..

في نحو قولك .. رأيت زيدا ..  لا تكون رويا .

4- النون الخفيفة ..  

نحو قولك .. اضربنْ ، 

و الهمزة المبدلة من ألف التأنيث  في الوقف .. 

 نحو قولك ..  هذه حبلاء .

5-   وهاء الوقف .. و هاء الاضمار ..  و هاء التأنيث ..

 و كل هذه لا تكون رويا . 

فان سكن ما قبل هذه الهاءات ، كانت رويا .

 و الهاء الأصلية ، يجوز أن تكون رويا اذا سكن ما قبلها ، أو تحرك .

 كقول رؤبة بن العجاج :


قالت أُبَيْلي لي و لم أُشَبَّهِ ... ما السن الا غفلة المدلّهِ

لما رأتني خلق المموه ... براق أصلاد الجبين الأجلهِ

بعد غذافي الشباب الأبلهِ



و لابد من القول :

سمي حرف الروي رويا .. لأنه من الرواء ..  وهو الذي يشد على الأحمال و المتاع ليضمها .

 وروى  في كلامهم للضم و الجمع و الاتصال .. و كذلك حرف الروي ، تنضم و تجمع اليه جميع حروف البيت..

  فالقوافي على ذلك خواتيم على عنوان الشعر ، جامعة لأطراف معانيه   قابضة على أزمّة مهاريه .


والروي هو آخر حرف في القافية المقيدة .. و هو  قبل الوصل في الشعر المطلق .. فالروي في  المقيد كالراء في قول امرئ القيس  :


فلا و ابيك ابنة العامري ... لا يدعي القوم أني أفرْ  


 و في المطلق كالميم في قول 


و لن يلبث المصران يوم و ليلة ... اذا كلبا أن يدركا ما تيمما  


و في الروي من التمكن ما ليس في غيره من الحروف اللازمة ، فقد نجد شعرا خاليا من ..  ألف التأسيس .. أو من الردف .. أو من الصلة و الخروج  ..  و لا يوجد شعر يخلو من الروي .

 




حرف الوصل : 


أما حرف الوصل .. 

 فلا يكون الا...

 واوا .. أو ياء .. أو  ألفا .. 

كل واحدة منها ساكنة في الشعر المطلق  .

 و يكون الوصل أيضا .. هاء ..

 و ذلك كهاء التأنيث في كلمة " همزة "  و نحوها و هاء الاضمار للمؤنث و المذكر ، و المؤنث متحركة كانت أم ساكنة  . نحو هاء  : غلامه .. و غلامها  

و الهاء التي تبين بها الحركة نحو : 

عليّه و عمه و اقضه و ادعه .  تريد : 

علي و عم و اقض و دع ..  فأدخلت الهاء لتبين بها حركة هذه الحروف  .

فكل هذه الهاءات لا تكون الا وصلا  متحركة كانت أم ساكنة . و لا تكون الواحدة منها رويا , الا  أن يكون ساكنا ما قبلها . 


حرف الخروج  :


وحرف الخروج ، لا يكون الا.. واوا  أو  ياء  أو  ألفا ..  بعد هاء الاضمار اذا كانت وصلا  ، نحو الألف بعد الهاء في قول الأعشى  : 


رحلت سمية غدوة أجمالها ... غضبى عليك فما تقول بدا لها 


و الياء   .. في قوله :


تجرد المجنون من كسائهي  


و الواو ..  في قوله : 


ومهمهِ عامية أعماؤهو 


.....


في ألف التأسيس 


نقول :

ان حرف التأسيس لا يكون الا ألفا  .. و هو حرف الألف الذي يأتي قبل حرف الروي  بحرف واحد  .. أي أن بينه و بين حرف الروي حرف واحد فقط ..  في حين أن حرف الردف  - و هذا ما سنتحدث عنه في بحث لاحق  -  يأتي مباشرة قبل حرف  الروي  . 


مثال  على ألف التأسيس : 

 مراكب .. قبائل  ..  جداول  .. جدائل  ...  الخ ..  


فاذا جاء هذا الحرف في البيت الأول من القصيدة .. فعلى الشاعر أن يستمر في باقي الأبيات على منواله  ..  و لا يكون حرف التأسيس .. واوا و لا ياء  ..  و الا اعتبر هذا الحرف كباقي احرف القافية  ..  


فاذا كان البيت الاول مؤسسا  . يجب الاستمرار كذلك . و الا أصاب القصيدة عيب  في القافية  ..  


مثال على ألف التأسيس  ..

قول المتنبي  :


على قدر أهل العزم تــأتي العزائم ...  و تـأتي على قدر الكرام المكارم  

و تكبر في عين الصغير صغارها ... و تصغر في عين العظيم العظائم  


ننظر الى هذه الألفاظ : 

 العزائم في صدر البيت الأول..  و  .. المكارم .. و ..  العظائم   في عجزي البيتين  المذكورين 

و التأسيس 

مأخوذ من قولك أسست البناء ..

 و التأسيس ألف بينها و بين حرف الروي حرف متحرك يسمى   " الدخيل "  لأنه حرف  تدخل بين ألف التأسيس و بين الروي  .. و هو أي حرفالدخيل  ..  قابل للتغيير في ألأبيات الأخرى و لا يلزم تكراره .. 

كقول  النابغة الذبياني :


كليني لهم يا أميمة ناصب ... و ليل أقاسيه بطيء الكواكب 


فألف كلمة ناصب هي ألف التأسيس .. و حرف الصاد هو الدخيل .

 و كذلك ألف الكواكب هي التأسيس ..  و الكاف الثانية التي  قبل حرف الباء هي الدخيل و الباء حرف الروي  .  

فاذا كان بين  هذه الألف و بين الروي حرفان أو أكثر لم يكن تأسيسا .. 

مثل ..  مواويل و أزاهير و عواميد

و لا يخلو أمر ألف التأسيس من أحد امرين اثنين :

اما أن تكون هي و الروي من كلمة واحدة ..

 كقول النابغة :


دعاك الهوى و استجهلتك المنازل ... و كيف تصابي المرء و الشيب شامل


واما أن تكون الألف من كلمة ..  و الروي من كلمة أخرى .. 

كقول سحيم عبد بني الحسحاس  :


ألا ناد في آثارهن الغوانيا ... سقين سماما ، ما لهن و ما ليا


فالألف هنا هي تأسيس أيضا لدى البعض  .. في حين أنها لا يعتبرها البعض  الآخر تأسيسا  


و في قول الشاعر  :  


اذا زرتُ أرضا بعد طول اجتنابها ... فقدتُ صديقي و البلاد كما هيا 


و القصيدة مؤسسة .. 

و من لم يجعلها تأسيسا .. أجاز معها : 

معطيا .. و موليا .. 

 فان كانت الكلمة التي قبل كلمة  الروي  لا ضمير فيها .. فلا تأسيس هناك  ..

 قال الشاعر : 


و اذا تكون كريهة أدعى لها ... و اذا يحاس الحيس يدعى جندب 

هذا لعمركم الصغـــار بعينه ... لا أم لـي، ان كان ذاك ، و لا أب


و ألف التأسيس كما جاء في كتب التراث :


هي الألف التي تأتي قبل حرف الروي و يفصله عنها حرف متحرك واحد   .

  مثال ذلك " معاقل .. مشارب ..  منازل .. الخ ..   "

أو أن المؤسس من الشعر ما كانت فيه ألف بينها و بين حرف الروي ، حرف يجوز  تغييره ، فذلك الحرف يسمى الدخيل .. لأنه تدخل بينه و بين حرف الروي  .


و جاء في كتاب " القوافي " للأخفش الأوسط :


"  أما التأسيس ، فألف ساكنة دون حرف الروي بحرف متحرك يكون بين حرف الروي و بينهما ، يلزم في ذاك الموضع من القصيدة كلها .. 

نحو..  ألف فاعل من .. لامه . " . 

و يضيف الأخفش الأوسط  : 


" فان كانت الألف في كلمة سوى الكلمة التي فيها حرف  الروي ، و لم يكن الروي حرف اضمار ، لم تجعل تأسيسا ، و أجري في موضعها من القصيدة ، جميع حروف المعجم 


نحو قول عنترة : 


ولقد خشيت بأن أموت ولم تدرْ... للحرب دائرة على ابني ضمضم 

الشاتمي عرضي و لم اشتمهـــــما ...  و النــــاذرين اذا لم ألقهــــما دمــي 


فهذه الألف لا تكون تأسيسا لأنها منقطعة من ميم دمي ..  و ليست من ضميره .

 و قال العجاج :  


فهن يعكفن به اذا حجا ... عكف النبيط يلعبون الفنزجا 


فهذه الألف في " اذا "  لا تكون تأسيسا  لأنها منفصلة .  " 


فان كانت الألف منقطعة و حرف الروي من اسم مضمر ، جاز أن تجعل الألف  تأسيسا  و غير تأسيس . 


و قال زهير بن أبي سلمى :


ألا ليت شعري هل رأى الناس ما أرى ... من الدهر أو يبدو لهم ما بدا ليا 

بدا لي أني لست مـــــدرك ما مـــضى ... و لا سابقــــا شيئـــا اذا كان جائيا 


فألف بدا منقطعة عن  ليا  .

 و انما تلزم هذه الألف المنقطعة ، و تكون تأسيسا  اذا كان حرف الروي ضميرا  ، نحو ياء ليا  ، أو حرفا من مضمر نحو ميم ..هما ..

 كما في قوله مثلا .. 

كما هما  ، 

و ياء هي .. كما في قوله .. 

هي ما هيا  .

و أما قوله  " كتابك " و ثيابك " فلا تكون الا تأسيسا  لأن ألف التأسيس ليست في كلمة ، و حرف الروي في أخرى  ، و لأن الكاف هي حرف الروي . 

ولا بد من القول 

انني .. لاحظت أن عددا من الشعراء مع احترامي لجميع الأخوة و الأصدقاء الشعراء  .. يستعمل هذه الألف في المكان الخاطئ و ربما كان ذلك دون شعور منه أن في القافية خللا ما ،  و لا أسمي ذلك خللا في الوزن  .. و انما عيبا في القافية   وهو ما يمكن أن أسميه "  التذوق الاحساسي او الحسي  "  اذ أن الشاعر يعتقد أن  البيت أو القافية خالية من أي خلل أو عيب ، فالوزن صحيح  و لا وجود لأي خلل عروضي .. أو أنه يغض الطرف عن العيب المذكور طالما ان الوزن يعتبره صحيحا   . و لكن   بتذوقنا الاحساسي يجعلنا نشعر بوجود عيب ما  .. في القافية  ..  


فلكي تكون القصيدة فيما يتعلق بألف التأسيس ، خالية من هذا العيب  ..  على الشاعر أن يتابع أبياتها بالنسبة الى هذا الموضوع كما هو في البيت الأول  ..  فاذا أسس الشاعر قافية البيت الأول . فعليه أن يتابع تأسيس باقي الأبيات  . فاذا كانت قافية البيت الأول خالية من ألف التأسيس .. فعليه متابعة ذلك في باقي الأبيات  ..  


.....


حرف الردف  :

  " الردف " ..  هو الحرف الذي يردف حرف الروي من بين  حروف القافية  ..  لذلك تم تسميته " الردف " 

وهو الحرف الصوتي الذي يقع قبل حرف الروي بشكل مباشر ..


و حرف الردف  يكون  أحد هذه الأحرف اللينة .. أي الساكنة  : 

الألف  ..الواو  .. الياء  .  

مثال على ذلك  : 

قول المتنبي :

و خير مطي في الدنا سرج سابح ... و خير جليس في الأنام كتاب  


و بتطبيق المبدأ الذي كنا ذكرناه في المقال السابق حول أحرف القافية فان هذه الأحرف هي 

 تاب ..  ت .. ا .. ب 

باعتبار أن الألف هو آخر حرف ساكن و ما قبله هو حرف الباء  .. 

وحرف  الألف هنا  في لفظة كتاب .. هو ما يسمى  بـ " الردف " و هو الحرف الصوتي الساكن  الذي جاء قبل حرف الروي .. بشكل مباشر  . 


أمثلة أخرى : 


قول المتنبي أيضا :


ما لنا كلنــا جــوٍ يا رســــولُ ... أنا أهــــوى و قلبك المتبولُ  

كلمـــا عــاد من بعثت اليـــها ...  غار مني و خان فيما يقولُ  

و اذا خامر الهوى قلب صبٍ ... فعليـــه لكل عيـــن دليـــــلُ 




ففي اللفظتين الأخيرتين من  البيتين الأول و الثاني  

 "  المتبول "  و " يقول " .. 

نرى أن أحرف القافية هي 

 " بول " في البيت الأول 

 و " قول " في البيت الثاني

 . باعتبار أن حرف اللام  هو حرف الروي ، و فبله جاء حرف الواء الساكن , و قبل هذا الحرف مباشرة جاء حرف الباء  في البيت الأول و القاف في الثاني . 


في هذه الأحرف نرى أن حرف الواو  هنا .. هو الحرف المسمى " الردف " حيث جاء قبل حرف الروي بشكل مباشر 

و قد يكون هذا الحرف..  ياءً   ..  أيضا  


مثال ذلك البيت الثالث في القصيدة نفسها , حيث  تقصدت أن آتي بالمثال من نفس القصيدة  و هو البيت التالي : 


و اذا خامر الهوى قلب صبٍ ... فعليـــه لكل عين دليـــــل 


هنا نلاحظ ان حرف الياء . هو ما يسمى " الردف " 


  في استعمالات حرف  .. الردف  :


قلنا ان الردف اما أن يكون

 ألفا .. أو ياءً .. أو واوا  ...

  

فاذا كان " الردف "  ألفا  ..  كما في المثال الأسبق في لفظة كتاب  .. 

فلا يجوز قلبه في باقي الأبيات الى ياء أو الى واو  ..

كذلك  ..  اذا كان هذا الحرف .. ياء .. او .. واوا  ..

 فلا يجوز قلبه الى .. الف .. في باقي أبيات القصيدة 


و يجوز قلب .. الواو الى ياء ..أو العكس أي قلب حرف  الياء الى واو  ..   كما شاهدنا في أبيات المتنبي الثلاثة الأخيرة 


اذن فان الألف لا تقلب ياء أو واوا ..  و لا تقلب الياء أو الواو ألفا كذلك  ..  .. و يجوز القلب بين الياء و الواو كما في قول المتنبي في الأبيات السابقة  .. حيث نلاحظ  الألفاظ 


ما لنا كلنا جوٍ يا رسول ... أنا أهوى و قلبك المتبول  

كلما عاد من بعثت اليها ...  غار مني و خان فيما يقول  


ثم البيت الثالث  نرى كيف قلب الواو .. ياءً  


و اذا خامر الهوى قلب صبٍ ... فعليـــه لكل عين دليـــــل 



و جاء في كتب التراث : 



و الردف مأخوذ من ردف الراكب  .. و هو حرف يردف الروي  ..  و هو يكون  من أحد حروف ثلاثة :

الألف .. أو..  الواو .. او .. الياء 

و ألف الردف تكون ساكنة الى جانب حرف الروي  .. كقول الشاعر  :


و دمنة نعرفها و أطلال  

  

فهذه الألف لازمة في هذا الموضع في القصيدة  كلها ، لا يجوز معها غيرها . 

و قد تكون الواو ردفا مع ضم ما قبلها و فتحه , 

قأما ما قبلها ضمة .. كقول الشاعر : 


فلست لأنسي و لكن لمالك ... تحدّر من جو السماء يصوب 


و الذي ردفه .. واو ..  و قبله مفتوح كقول الراجز  :


و مشيهن بالخبيب مَوْرُ ... كما تهادى الفتيات الزَوْرُ


و كقول بعض المحدثين :


ثنتان من همتي لا ينقضي أسفي  ... عليهما أبدا من خشية الفَوْتِ

لم أحب منتجع الدنيا بجملتها ... و لا حمَيْت الورى من صولة المَوْتِ


و الذي ردفه..  ألف  .. قول امرئ القيس : 


و هل ينعمن الا سعيد مخلد  ...  قليل الهموم ما يبيت بأوجال 


و الذي ردفه  .. ياء ..  قبلها مكسور  قول الشاعر  : 


و كائن رأينا من غني مذمم ... و صعلوك قوم مات و هو حميد 

 

و ما كان ردفه ..  ياء ..   مفتوحًا ما قبله .. قول الشاعر : 


بنات وطاء على خد اللَيْلْ ... لا يشتكين عملا ما أنقَيْنْ


و ذكر سيبويه أن فتح ما قبل الواو و الياء لا يجوز . الا أن  الشعراء استعملوا ذلك .


فأما الواو و الياء.. 

 فتتعاقبان اذا كانتا ردفين في القصيدة الواحدة ..

 فتكون الواو ردفا في بيت  .. و الياء ردفا في آخر  .. 

الا أن الألف .. فلازمة في القصيدة كلها و لا يجوز معها غيرها  .  

  فلا تكون الألف ياء أو واوا . أو العكس  . 

و لا بد من الاشارة الى  أنه عندما يكون الردف واوا أو ياء .. و ما قبله مفتوحا  كما جاء في الأمثلة السابقة ..  فيجب أن تكون كذلك في جميع الأبيات .. أي لا يجوز أن يكون الحرف ما قبل الواو أوالياء مفتوحا في بيت .. و مضموما في أخر  . 

و قد لاحظت أن بعض الشعراء في بعض قصائده المردفة .. ياء أو واوا .. والحرف الذي قبل الردف مضموما .. أتى ببيت أو بيتين و الحرف  الذي قبل الردف مفتوحا .. و أرى ذلك عيبا قبيحا في القافية  .. يستحسن الابتعاد عنه  .

و بذا نكون قد أكملنا بحثنا في حروف القافية  في القسيم الأول 

و سيكون بحثنا في القسم الثاني العيوب التي تقع في القافية  .. ان شاء الله


-----------------------

في القافية  

القسم الثاني 

التقفية .. و التصريع 

اعلم أن  القافية موضعان : 

أحدهما يستعمل على الاستحباب ..  و آخر يستعمل على سبيل اللزوم 

 * فالذي يستحب فيه .. عروض البيت 

 * و الذي يلزم به .. ضربه

 * و التقفـــــــية : 

أن يأتي الشاعر في عروض البيت بما يلزمه في ضربه .. من غير أن يرد العروض الى صيغة الضرب .. 

مثال ذلك في ثاني الطويل :

قفا نبك من ذكرى حبيب و منزل     بسقط اللوى بين الدخول فحومل

فالتقفية .. ايتاؤه في قافية النصف بحرف اللام التي هي الروي .. و الياء ( في الكسرة ) التي هي الوصل .. و هذان الحرفان هما اللذان لزماه في القافية .

و مثله قول النابغة من البسيط :

يا دار مية بالعلياء فالسند      أقوت و طال عليها سالف الأمد 

فنصف البيت آخره فعلن .. و أخر البيت فعلن أيضا بكسر العين . فالتزم في النصف .. بالدال و الياء اللذين لزماه في الآخر .

* أما التــــــصريع ..

فهي أن يغير صيغة العروض .. فيجعلها مثل صيغة الضرب .. و يستصحب اللوازم في الموضعين .

مثال ذلك .. قول الشاعر في أول الطويل :

ألا انعم صباحا أيها الطلل البالي    و هل ينعمن من كان في العصر الخالي

جعل نصف البيت الأول مفاعلين .. كما في آخر البيت بسبب التصريع .. و لولا ذلك لكان في النصف الآول .. مفاعلن .. مقبوضا 

ألم تره يقول في هذه القصيدة :

و لو أنني اسعى لأدنى معيشة ...    كفاني .. و لم أطلب قليلا من المال

فوزن .. معيشة .. مفاعلن .. و ليس مفاعيلن .. ثم أتى بتصريع بعد البيت الأول فقال :

ألا انني بالٍ .. على جمل بالِ        يقود بنا بالٍ .. و يتبــعنا بالِ

فأتى بالعروض مفاعيلن .. ومثله قول جرير :

بان الخليط ولو طوعت ما بانا      و قطعوا من حبال الوصل أقرانا

فأتى بالقطع في النصف الأول ..كما أتى به في النصف الأخر . و هو أن يعود فاعلن الى فعلن ساكنة العين . 

و لولا التصريع لأتت العروض مخبونة كقوله :

يا أم عمرو جزاك الله مغــفرة       ردي علي فؤادي مثلما كانا

فقوله ..مغفرة .. و هذا قد استعمله القدماء و المحدثين .

و قد أكثر العرب من التقفية و التصريع في غير البيت الأول .. ولا يعتبر عيبا .. بل هو دليل على البلاغة و الاقتدار على الصنعة .. ويستحب أن يكون ذلك عند الخروج من قصة الى أخرى .. أو من موضوع الى آخر . 

و التصريع مأخوذ من مصراعي الباب .. و في ذلك مصراعا النهار و هما .. الغداة و العشي . و انما حسن هذا في استفتاح الشعر ، لأن البيت الأول ، بمثابة باب القصيدة الذي يستفتح به .

سنتابع ان شاء الله  مات بتعلق بالقافية في أبحاث لاحقة 

*********

الاقعاد و التخميع 

هذا موضوع لم يبحثه أحد من قبل 

و ارتأيت انزاله هنا في هذا الكتاب لما في موضوعه من أهمية ..  مستعينا بعدد من كتب التراث التي بحثت فيه   منها: 

 " العمدة في محاسن الشعر " لابن رشيق .. و كتاب  " القوافي " لأبي يعلى التنوخي .

و كنا تحدثنا  سسابقا  عن القافية و تسمياتها و أنواعها  و بأي حرف تبدا و كيف تنتهي  في البيت الشعري 

و تكملة لموضوع القافية نبحث في :

الاقعــــاد : 

و هو الدخول   في العروض من غير تقفية و لا تصريع  .. يوهم السامع بأن الشاعر يأتي بالنصف الثاني موافقا للنصف الأول .. و لكنه يأتي به بخلاف ذلك .

كقول النابغة :

جزى الله عبسا .. عبس أل بغيض      جزاء الكلاب العاويات .. و قد فعل

فيظن سامع النصف الأول لأول وهلة ..أن الشاعر سيأتي بالبيت مصرعا.. فيأتي في ضربه كما في عروضه  .. فاذا به يأتي به مقيدا .. 

فعروض البيت على وزن فعولن .. و هذا لا يكون في الطويل .. الا أن يكون مصرعا .


و الضرب مفاعلن .. لا يكون الا في ثاني الطويل .

لأن  العروض في هذا البيت .. فعولن .. لا يكون الا في الثالث اذا كان مصرعا . 

و الضرب .. مفاعلن .. لا يكون الا في ثانيه .. و مثله :

اذا ما اتصلتُ قلت يال تميم ... و اين تميمي من محلة أهوَدا

و منه قـول ابن أبي ربيعة :

دمية عند راهب قسيسٍ ... صوروها في جانب المحراب 

فهذا ..من الخفيف  و فيه تشعيث في العروض .. و هو رد فاعلاتن .. الى مفعولن .. 

و هذا لا يحسن الا في التصريع .

و ايضا من الخفيف :

أسدٌ في اللقاء ذو اشبالِ... و ربيعٌ ان شعَّبت غبراءُ

و مثله من الطويل لعامر بن جوين :

خليلي كم بالربع من ملكاتٍ ... و كم بالصعيد من هجان مؤبّله

و من الكامل  قول حميد بن ثور :

اني كبرت و ان كل كبير ... مما يُظن به يمل و يفتر

و هذا عند الخليل .. اقعاد .. 

و عند عبيد و ابي عبيدة .. اقواء .


جاء في  كتاب العمدة .. لابن رشيق

و من التزحيف في الأوساط الاقعاد .. 

 و هو أن تذهب نون .. متفاعلن .. أو .. مستفعلن .. في عروض الضرب الثاني من الكامل .. و تسكن اللام فيصير عروضه كضربه .. فعلاتن .. أو .. مفعولن .. كما قال الشاعر :

أفبعد مقتل مالك بن زهير ... ترجو النساء عواقب الأطهار 

فجاء هذا على معنى التصريع .. و ليس به .. فهو عيب .. و أقبح منه قول الآخر :

اني كبرت و ان كل كبير ... مما يضن به علي و يقتر

لأنه أتى بالعروض دون الضرب بحرف .. 

وزعم ابن سلام الجمحي صاحب كتاب " طبقات فحول الشعراء "..  ان الاقعاد لا يجوز لمولد .


و أما التخميـــــع :

فهو أن يخلي الشاعر عروض البيت من التصريع و التقفية .. و يدرج الكلام ، فيكون وقوفه على القافية . و قد استعمل ذلك العرب قدماؤهم و المحدثون .

قال الشنفرى :

أقيموا بني أمي صدور مطيكم        قاني الى قوم ســـــواكم لأميــل

و قال متمم بن نويرة في رثاء أخيه مالك

لعمري و ما دهري بتأبين مالك      و لا جزعا مما أصاب فأوجعـــا

و هذا كثير جدا . و سمي تخميعا ..  مأخوذا من الخماع ..  الذي هو العرج 

و قد أجاز بعضهم الوقوف في نصف البيت على الحرف المشدد بالتخفيف . و ان لم يكن فيه تصريع .. اقتداء على الوقوف على المشدد في القافية .. لأن الأنصاف تحمل ما تحتمله الأواخر 

و مثال هذا قول القائل :

ان فعل الخير أحرى و أسدْ      و على الانسان اصلاح العمل

و هو ضرورة قبيحة .

فأما الوقوف على الحرف المشدد .. اذا كان في ضرب البيت .. فالصواب فيه .. أن يوقف عليه بالتخفيف . . الا ما كان من المترادف .. و دخل عليه الاصمات و التقى فيه حرفان مثلان .. فانه لو قال : 

ان يحصن اليوم ماءُ يُحصنّْ

لكان الصواب الوقوف عليه بالتشديد 

*****


ما يلزم القوافي من الحركات 

كنا ذكرنا أن القافية تقسم الى ثلاثة  أشياء  :

أصول  و حروف  و حركات 

تحدثنا عن أصولها  .. أي أنواعها .. و هي 

المتكاوس و المتراكب و المتدارك و المتواتر و المترادف

كما تحدثنا عن حروفها وهي ستة حروف

الروي و التأسيس و الردف و الدخيل و الوصل و أخيرا الخروج 

و أخيرا سنتحدث عن حركات هذه الحروف  و هي :

التوجيه ..  الاشباع ..  .. الرس  .. الحذو .. المجرى .. و النفاذ  

و كان أحدهم قد جمع كل ذلك في أبيات .. بالاضافة الى ما يقع في القافية من عيوب  هي :

الاقواء.. السناد  .. الايطاء .. الاكفاء .. و التضمين  .. 

و التضمين هو عدم اكتمال معنى البيت الا بالبيت الذي بعده  .. و هو من العيوب القبيحة .

 يقول الشاعر :


القـــوافي .. مخمســات ثـــــلاث  ... حــركات و أحــرف و فســــــــاد  ........ يقصد بالفساد ..  العيوب 

فابتداها ..  رس و حذو واشبــــا  ... ع  و مجرى و في النفـــاذ العتـاد 

والحروف الروي والردف والتــأ ... سيس و الوصل و الخروج العماد

والعيوب الايطاء و الاقوا والاكــ ... ــفا و فيها ..  التضمين ثم السنــاد


و يقول الأخر :


حروف القــوافي .. ستة مستبينة  ...  يجمِّعُ أشتاتــًا لهن نظــــــــام  

روي ووصل و الخروج وردفها  ...  و تأسيسها .. ثم الدخيل تمـام

و يلزمها من بعدها .. حــركاتها  ...  كــذلك بيت صاغهـن امـــــام

فمجرى وتوجيه ومجرى ورسها  ...  واشباعها .. ثم النفـاذ دعـــام


و اليوم سنتحكم عن الحركات بعد أن تكلمنا عن الحروف و الأصول ( الأنواع )

الحركات اللازمة في القوافي هي :

الرس .. الحذو . . التوجيه ..  الاشباع .. المجرى ..و  النفاذ .

وقد أورد أحد الشعراء هذه الحركات و العيوب التي تقع في القافية في أبيات 

ذكرناها سابقا 

فالرس : 

هو فتحة الحرف قبل حرف التأسيس .. نحو قول امرئ القيس :


دع عنك نهبا صبحَ في حجراته   و لكن حديثا ما حديث الرواحلِ

فتحة الواو هي الرس . و لا يكون الرس الا فتحة .. و هي لازمة .

الحذو : 

و هو حركة الحرف قبل حرف الردف .. 

و تجوز الضمة مع الكسرة ... و لا تجوز مع غيره . 

نحو .. ضمة قول .. مع كسرة قيل .. و فتحة قول .. مع فتحة قيل . 

و يجوز بَيع .. مع بِيع .

التوجيه : 

و هي حركة الحرف الذي جنب الروي المقيد .. 

و لا يجوز مع الفتح غيره . 

نحو قوله : 

قد جبر الدينَ الالهُ فجبَرْ

التزم الفتح فيها كلها ..

 و يجوز الكسر مع الضم في قصيدة واحدة ,,

 قال الشاعر: 

مضبورةٍ قوراءَ هرجاب فنـــقْ 

ثم قال :

ألفُ شتى ليس بالراعي الحمِق

و قد أجازوا مع هذا .. ما قاله : 

و قاتم الأعماق خاوي المخترق

و ليس هذا كالألف و الواو و الياء في الردف . لأن تلك حروف .. فقبح جمعها في قصيدة واحدة . و هذه حركات ..فكانت أقل من الحروف و أضعف 

المجرى : 

و هي حركة حرف الروي .. فتحته .. و ضمته .. و كسرته . 

و ليس في الروي المقيد مجرى .

 و المقيد .. على ضربين :

آ - مقيد تم به وزنه .

 نحو قوله : 

و قاتم الأعماق خاوي المخترَقْ 

فأن زدت فيه حركة كانت فضلا على البيت .

ب – مقيد مدَّ عما هو أقصر منه .. 

نحو فعول في ثاني المتقارب .

النفاذ :

و هو حركة هاء الوصل التي تكون للاضمار . .. 

و لم يتحرك من حروف الوصل غيرها . 

نحو فتحة.. ها ..  ما أجمالها 

و كسر هاء : تجرد المجنون عن كسائه

و ضمة هاء :  و بلد عامية أعماؤه

و هذا جميع ما ذكره الفراهيدي من اللوازم في القوافي من الحروف و الحركات . و هناك عير ذلك لم يذكره الفراهيدي . و هو أن العرب أنشدت الشعر الذي في آخره الهاء السكنى التي للمضمر المذكر . و البيت الذي لا يحتاج الى حركتها .. فقد حركوها بالضم .. و زادوا بعدها .. واوا ..

 نحو قوله : 

أخطل .. و الدهر كثير خطلهو 

و نحو :

 و لما رأيت الدهر جما خبلهو

و في الكسر يزيدون الياء ...

الاشباع : 

و هو حركة الحرف الذي بين التأسيس و الروي المطلق . 

نحو قوله :

يزيدُ يغض الطرف دوني كأنما   زوى بين عينيه علي المحاجِمُ

حركة هذه الجيم .. هي الاشباع . 

قد لزمتها العرب في الكثير من أشعارهم .

 و لايحسن أن يجتمع كسر مع فتح .. و لا مع كسر ضم ..

 لأن ذلك لم يُقل الا قليلا .

 و كان الخليل يجيز ذلك .. و لا يجيز التوجيه اذا احتلف الفتح أوالكسر أو الضم  .

و لا بد من القول ان كل الحركات والحروف قد تجتمع في القافية .. 

الا التأسيس و الردف فلا يجتمعان . 

و لا الرس و الحذو ..


*******

العيـــوب .. التي تقع في القافية

كثيرا ما يقع العديد من الشعراء في عيوب القافية ..  وهو ما حصل مع كبار الشعراء  في العصر الجاهلي و ما بعد ه 

و سنتحدث  عن هذه العيوب ان شاء الله تفصيلا .. بالنظر لما للقافية من  اهمية .. خاصة اذا علمنا أنها وجه القصيد ..  وهي المدخل الى نظم القريض .

 و هذه العيوب هي :

الاقواء .. السناد .. الاكفاء .. الايطاء .. والتضمين 

و سنبحث في كل منها على حدة

فالعيوب التي ترد على القافية ، و هو ما يهمنا في هذا البحث هي أربعة ، اضاف اليها الشعراء العرب عيبا خامسا .. وهذه العيوب هي :

الاقواء ، و السناد .. و الايطاء ، و الاكفاء .

و أضيف اليها التضمين . وهو أن البيت لا يتم معناه ، الا بالبيت الذي يليه ‘ وهو من عيوب الشعر المكروهة .

وقد أورد أحد الشعراء هذه العيوب في أبيات ..  يقول :

القوافي .. مخمســــــات ثــــلاث  ...   حركات ، و أحـــرف ، و فســــــاد

فابتداها .. رس وحذو و اشبـــاع  ...  و مجرى .. و في النفـــــــاذ العتــاد

و الحروف .. الروي و الردف و التأ سيس و الوصل و الخــروج العمـــاد

و العيوب .. الايطــاء و الاقواء والاكــــفا .. و فيها التضمين .. ثم السنــاد


و نبحث  أولا ..في عيب ..

 الاقواء

الاقواء :

 وهو عيب يقع في حرف الروي من القافية ، و قد عرفنا ما هو حرف الروي . 

و الاقواء ..  هو تغيير في حركة حرف الروي في بيت أو أكثر من أبيات القصيدة ، و هو عيب ، تكلمت فيه العرب كثيرا فيجب تجنبه .. 

 بالرغم من أن العديد من الشعراء ، حتى فحولهم ،فد  وقعوا فيه.. ثم عادوا الى تصحيح ما وقع .. ومنهم النابغة الذبياني و غيره من الشعراء ، الا أنه..  و بعدأن عرف النالس هذا العيب .. فلم يعد جائزا لا للفحول و لا لغيرهم ..

 كما في قصيدة النابغة :

من آل مية رائح أم مغتدي     عجلان ذا زاد و غير مزودِ

زعم البوارح أن رحلتنا غد و  بذاك خبرنا الغداف الأسودُ

و الغداف : هو الغراب .

ونلاحظ قي البيت الأول ، أن حركة حرف الروي فيه جاءت على الكسر .. بينما في البيت الثاني جاءت حركته على الضم .

و قد تم لفت نظر النابغة الى هذا العيب مرارا ، فلم ينتبه .. حتى دخل يثرب ، فطلبوا من قينة أن تغني له هذه القصيدة ، على أن تبطئ لدى وصولها الى هذا العيب .. عندها انتبه الى الخطأ ، و قام بتغيير البيت الى قوله :

زعم البوارح أن رحلتنا غد و    بذاك تنعابُ الغدافِ الأسودِ

فجنح فيه الى الكسر بعد كانت حركة الروي الضم . 

ونضرب مثلا آخر ، وهو عن القرزدق هذه المرة .. حيث يقول مادحا عبدالملك بن مروان :

مستقبلين شمال الشام تضربنا      بحاصب كنديف القطن منثــورِ

على عمائمنا تلقى و أرجلنــا      على زواحف ترجى مخّها ريرُ

و كلمة رير : تعني رقة  في المخ .

نلاحظ لفظة منثور جاءت ( على الخفض ) و لفظة رير جاءت ( على الرفع ) و هذا عيب لا يجوز .

قال ابن أبي اسحق للفرزدق مشيرا الى لفظة رير : 

أسأت ! .. فان موضعها رفع .. وان رفعت أقويت ( يشير الى عيب الاقواء) 

عندها قام الفرزدق بتغيير الشطر المذكور فقال  :

على زواحف تزجيها محاسيرِ 

فعاد بروي البيت بعدها الى الضم كباقي الأبيات 

اذن فان الاقواء ، هو اختلاف حركة الروي بين بيت و آخر ، وهو من العيوب التي تحدثت عنها العرب كثيرا . كذلك يقول حسان بن ثابت :

لا بأس بالقوم في طول و في قصر... جسم البغال و أحلام العصافيرِ

ثم يقول :

كأنهم قصــب جــــــوف أسافلـة ... مثقب نفخت فيــــها الأعاصيرُ

نلاحظ كيف جر قافية ..و رفع أخرى .  و هو عيب .. لم يعد جائزا  .

 *****

السناد 

السناد : 

و هو تغيير في حركة الحرف الذي يسبق حرف الروي مباشرة ، وهو عيب يقع فيه الشعراء كثيرا ، و أرى انه يمكن التجاوز في بعضه ، و لا يجوز في البعض الآخر ، وهو على  أنواع ..

 لن نتحدث عنها و انما سنضرب مثالا على بعضها و التي يقع فيها مجمل  الشعراء .

و السناد نوعان :

* سناد الردف : 

و هو الذي يقع فيما يسمى بحرف الردف أي حرف الواو أو الياء الذي يسبق حرف الروي مباشرة . وهو عيب بالمطلق لا يجوز للشاعر الوقوع فيه .

كقول الكسعي :

ندمت ندامة لو أن نفسي       تطاوعني اذن لقطعت خمْسي

ثم يقول في البيت الذي بعده :

تبيّن لي سفاهَ الراي مني         لعمر أبيك حين كسرتُ قّوسي

فحرف الواو في حروف قافية البيت الثاني ، ويسمى هنا الردف ، فهو حرف صوتي يقع بينه و بين الروي ، في حين أن البيت السابق له ، لا وجود للحرف الصوتي المذكور ، أي حرف " الردف " ، 

فهذا عيب لا يجوز الوقوع فيه .

و لا بد من الاشارة الى أنه عندما يكون الردف .. واوا ..  أو ياء .. و ما قبله مفتوحا .. فيجب أن تكون كذلك في جميع الأبيات ..

 أي لا يجوز أن يكون الحرف ما قبل ..  الواو..  أوالياء .. مفتوحا في بيت .. و مضموما أو مكسورا في أخر . 

و قد لاحظت أن بعض الشعراء في بعض قصائده المردفة .. ياء .. أو واوا .. والحرف الذي قبل الردف  مضموما أو مكسورا .. أتى ببيت أو بيتين و الحرف الذي قبل الردف مفتوحا ..  

 و أرى ذلك عيبا قبيحا في القافية .. يستحسن الابتعاد عنه .

أما النوع الثاني 

فهو اختلاف حركة الحرف الصامت الذي يسبق حرف الروي 

كقول النابغة الذبياني :

فبت كأني .. ساورتني ضئيلة ...  من الرقش في أنيابها السم ناقِــــعُ ... 

ثم يقول :

بمصطبحات من لصاف و ثبرة ... يزرن  الالا ، سيرهن التدافُـــــعُ

الضئيلة : هي الحية . 

فلفظة ناقع ، في البيت الأول ، حرف القاف فيها جاء ( بالخفض ) ..  في حين أن حرف الفاء في البيت الثاني بلفظة التدافع ، جاء ( مرفوعا )

هذا السناد يعتبر سنادا قبيحا..  و الأفضل أن يبتعد الشاعر عنه  

أي المقصود  جمع الكسرة مع الضمة 

أما أن يكون السناد في احتلاف حركة الحرف السابق للروي مفتوحا ثم يأتي مكسورا ..

 ربما يكون سنادا مقبولا و و يمكن غض الطرف عنه .. 

و هو كثيرا ما يقع و ما يحدث للشعراء قدمائهم و محدثيهم 

قال رؤبة

و قاتم الأعماق خاوي المخترَق

ألف شتى ليس بالراعي الحمِـــق

فجاء بالكسر مع الفتح ..

 و هذا جائز كما ذكرنا لكثرة ما جاء منه .

*****

عيب .. الايطاء


عرضت كتب التراث " الايطاء " 

 من الوطء..   كأن الشاعر أوطأ القافية عقب أختها .

 جاء في كتاب " العمدة في محاسن الشعر و آدابه " لابن رشيق القيرواني ما يلي :

" الايطاء ..  هو أن يتكرر لفظ القافية ، و معناهما واحد . و كلما تباعد الايطاء كان أخف

و من أقبح الايطاء قول تميم بن أبي مقبل :

أو كاهتزاز رديني تداوله   أيدي التجار فزادوا متنه لينا

ثم قال في القصيدة غير بعيد :

نازعت ألبابها لبي بمقتصد    من الأحاديث حتى زدتها لينا

و أشد من ذلك قول أبي ذؤيب الهذلي :

سبقوا هويَّ و أعنقوا لهواهم     فتخرَّموا ، و لكل جنب مصرع

ثم قال في صفة الثور و الكلاب :

فصرعنه تحت العجاج فجنبه      متترب ، و لكل جنب مصرع

فكرر ثلث البيت .. "

ثم يضيف ابن رشيق :

" واذا اتفقت الكلمتان في القافية ، و اختلف معناهما ، لم يكن ايطاء . 

و اذا كان أحد الاسمين نكرة ، و الآخر معرفة .. لم يكن ايطاء 

كقولنا .. جبل .. الجبل 

و كذلك " ضربَ " للواحد أي للمفرد ، و " ضربا " للاثنين ، أي للمثنى , 

لم يكن ايطاء ، 

و كذلك " لم تضربِ " و أنت تريد للمذكر و " لم تضربي " للمؤنث .. 

لا يعتبر ايطاء .. 

و كذك : 

" من غلامِي " مع الاضافة ..  و " من غلام " دون اضافة .. 

 ليس في هذا ايطاء أيضا . 

 كما أن تماثل اللفظ بين فعل و اسم 

لم يكن ايطاء كقولنا :

"ذهبَ " و تريد به الفعل .. و " ذهبٌ " تريد به الاسم 

و لا بد من الاشارة الى أن العرب سمحوا بتكرار القافية بين بيت و أخر يفرق بينهما سبعة أبيات فما فوق .. باعتبار أن العرب اعتبروا القصيدة لكي تسمى قصيدة يجب أن يكون عدد أبياتها سبعة فما فوق .. عندها يمكن تسميتها قصيدة 

أما اذا أتيت بلفظة " زوج " تقصد الرجل .. و " زوج " تقصد المرأة ,,

  فهو ايطاء 

لأن اللفظ و المعنى واحد سواء للرجل أو المرأة . 

كذلك ..

 اذا قلت .. أنت تضرب . و هي تضرب .. فلفظهما واحد أيضا .. 

و هو يعتبر ايطاء . 

*****    

عيب .. الاكفاء

 الاكفاء :؛

 و هذا العيب لم يعد مسموحا به  و كان  العرب كثيرا ما استعملوه .. انما نتحدث عنه باقتضاب و للعلم .

الاكفاء .. 

هو اضطراب حرف الروي ، كأن يجيء مرة ميما ، و أخرى نونا 

و كانت العرب تفعل ذلك لقرب مخرج الميم من النون ..  أو حرفي العين و الغين .. أو مع حرفي ..  الطاه و الدال ..الخ . 

و كانت العرب تجيز ذلك لقرب مخارج الحرفين ، الا أنه لم يعد يسمح به للمحدثين .

قال بعضهم : 

هي المخالفة في البناء و الكلام ،

 يقال : أكفأ الباني ، اذا خالف في البناء ، و أكفأ الرجل في كلامه ، اذا خالف نظمه فأفسده . 

يقول ذو الرمة :

و دويّة قفر ترى وجه ركبها     اذا ما علوها مكفأ غير ساجع

و الدوية : هي الصحراء

و كانت العرب اذا قربت مخارج الحروف أو كانت من مخرج واحد ثم اشتد تشابهها ، لم يفطن لها عامتهم ، 

قال الشاعر :

وما أصابتني من الدهر نبـــوة شغلت ،   و ألهى الناسي عنها شؤونها

اذا الفارغ المكفي منهم دعوته أبرّ ،      و كانت دعـــوة يســــــــتديمها

فجعل الميم مع النون ,, لشبهها بها لأنهما يخرجان من الخياشم . 

والاكفاء مأخوذ من قولهم : 

بيت مكفاء . اذا اختلف شقاه . 

مثال قولهم :

قبحت من سالفة و من صدغ 

كأنها كثية ضب في صــــدع

فأتى بالعين مع الغين .

كأن الشاعر ، جعل حرفا مكان حرف . وهو عيب لا يجوز لمحدث. .

. و لا يكون الا فيما تقارب بين الحروف ، و الا فهو غلط بالجملة .

                                 ********

عيب .. التضمين

التضمين 

و هذا العيب لم يكن موجودا من قبل و لم يكونوا يعتبرونه عيبا .. انما أوجده الشعراء فيما بعد و اعتبروه عيبا و قبيحا 

و هو :

 تمام وزن البيت قبل أن يكتمل المعنى .

 أي أن يكون البيت معلقا بالبيت الثاني ، لا يتم معناه الا به . 

كقول النابغة الذبياني :

هم وردوا الجفار على تميم         و هم أصحاب يوم عكاظ اني

شهدت لهم مواطن صادقات         يخبرهم بنصح الصــدر مني

جاء في كناب " القوافي " ، لأبي يعلى التنوخي :

و بعض الناس يسمي هذا اغراما ( يقصد بيتي النابغة ) و يجعل التضمين ، كقوله :

أماوي ان يصبـــح صداي بقفرة     من الأرض لا ماء لدي و لاخمر 

تري أن ما أمللت لم يك ضرني     و أن يـــــــدي مما علقت به صفر

و يقول أبو يعلى  التنوخي  :

و التضمين و الاغرام ..  عائد الى شيء واحد في اللغة ، 

كما تقول : 

ضمنتك و أغرمتك . 

و يكون معناهما ، ألزمتك اياه .

فكأن الشاعر قد ألزم البيت الثاني في اتمام الحال .

و يستحسن في هذا المجال ذكر هذه الواقعة حول الموضوع .

قال : أبو عمرو بن العلاء : 

نزل جرير ، وهو مقبل من عند هشام بن عبدالملك ، فبات عندي الى الصبح ، فلما شخص ، خرجت معه أشيعه ، فلما خرجنا عن أطناب البيوت ، التفت الي ، فقال :

أنشدني من أشعار مجنون بني عامر ، قيس بن الملوح ، فأنشدته :

و أدنيتني ، حتى اذا ما سبيتني      بقول يحل العصم سهل الأبـــــاطح

تجافيت عني حين لا لي حيــلة     و غادرتِ ما غادرتِ بين الجوانح

فقال جرير :

والله لولا أنه لا يحسن لشيخ مثلي الصراخ ، لصرخت صرخة يسمعها هشام على سريره .

و هذا من أرق الشعر و ألطفه ، لولا التضمين الذي فيه .......

هكذا نكون قد أنهينا البحث في عيوب القافية ، و هناك عيوب أخرى ، لا تستأهل البحث فيها ، راجيا أن أكون قد وفيت هذا الموضوع حقه ، و أرجو أن يتجاوز الأصدقاء و الأخوة عن أي خطأ وقع ، فجل الذي لا يخطئ .

***** 

خالد ع . خبازة

اللاذقية / سورية

---------


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق