الاثنين، 30 مايو 2016

الرحلة المجنونة الجزء (2) الشاعر محمد ابو الفتح المفكراتي

الرحلة المجنونة... جزء(2) محمد ابو الفتح....
تلفت حوله ليجد نفسه في أرض غريبة اللون والرائحة يغلفها الضباب الخفيف تترآى من
خلاله مخلوقات وكأنها أشجار إلا انها تتحرك ويصدر عنها أصوات غريبة خافتة أحيانا 
وهادرة أحيان أخرى,أصوات وكأنها إستغاثة من شخص يُعَذَب أو شخص يُعَذِب ,بين 
صرخات هادرة وضحكات ماجنة,أخذ يدنو شيئاً فشيئاً من مصدر الأصوات , فرأى ما 
جعل بدنه يقشعروتتسارع أنفاسه,ماهذا الذي يرى! أشجارتمشي وتترنح وأفرعها حادة
النهاية كأنها سيوف تتصارع فيما بينها وتمزق أوصال بعضها البعض ليسيل منها دماء
قاتمة السواد وتتناثرمنها ثمار صغيرة ما تلبث أن تتصارع فيما بينها هي الأخرى,أخذ
يفرك عينيه لايصدق مايرى, ولحظات وامتلأ المكان بالأشلاء والدماء التي غاصت فيها
قدميه وخفتت الأصوات رويدا رويدا حتى سكنت وساد صمت رهيب في المكان,لحظات
وعم ضجيج من نوع أخر إذ رأى طيور غريبة تهبط على المكان تسير بين أشلاء الأشجار
وتشرب من الدماء وهي منتشية وتتناول ما يحلو لها من الأشلاء والأشجار الغريبة تنظر
إليها عاجزة وهى تتناولها هي وصغارها كطعام شهي دون أي جهد أوتعب.وقف في حيرة
من أمره يحاول أن يجد تفسير لما رأت عينيه , ترى لماذا كان الصراع؟ ومن الذي استفاد
منه فالكل لقى حتفه والكل هلك واصبح لقمة سائغة في أفواه الطيور التى هبطت على
المكان وكأنها كانت تنتظر حتى تنتهي المعركة وتفترس الجميع دون أي جهد تبذله.وأفاق
من حيرته وتساؤلاته على بعض الأصوات التى تصدر من ثمار الأشجار المختلفة التى
مازالت بها بقية من حياة وهي تتجمع بجوار بعضها البعض لتصنع جداراً وصفاً واحداً
أمام الطيور التي إشتدت شراستها وزاد نهمها وراحت تهاجم الثمار الصغيرة بكل قوة
لتجهز عليها, لكنه لاحظ بعض الإرتباك والرهبة في صفوف الطيوررغم كثرتها وقسوتها,
وبدأت تحاول إقتناص الثمار ولكن الثمار الصغيرة تماسكت أكثر وأكثر وبدأ يصدر عنها
أصوات تعلو شيئا فشيئا لتتحول إلى أصوات صاخبة تدب الرعب في قلوب الطيور والتي
بدأت في التراجع ومن ثم بدأت تغادر المكان وسط صيحات شديدة من الثمار الصغيرة
ووسط نشوة الفرح بانسحاب الطيور بدأ صوت بعض الثمار يعلو على الأخرى ناسبة
لنفسها الإنتصار على الطيور الغاصبة ناسية إنهم جميعا شركاء فيه, وبدأ كل نوع من
الثمار ينسب الفضل إلى نفسه وينحاز لصنفه دون غيره,وهنا هتفت شجرة وهى تلفظ أخر
أنفاسها: ماأشبه الليلة بالبارحة,تصارعنا قبلكم وكان مصيرنا جميعا الهلاك ورأيتم ماحدث
لنا ولم تتعلموا الدرس,عندما رأيت وحدتكم رغم إختلاف أنسابكم وأصنافكم دب في نفسي
أمل أن تعمروا المكان وتحافظوا عليه ولا تضيعوه مثلما فعلنا ولكن للأسف عدتم كما كنا
وسيكون مصيركم مثل مصيرنا, أشلاء بين مخالب وأنياب الجوارح , أفيقوا قبل أن تنتهوا
كما إنتهينا تعلموا الدرس مما حدث لنا , ولفظت الشجرة آخر أنفاسها ولكن لم يكن هناك
من يسمع أو يعي, نظر إليها نظرة إشفاق وأدار ظهره للثمار المتناحرة وراح ليبحث عن
نفسه في مكان أخر.......... نهاية الجزء الثاني ..... محمد ابو الفتح
20/ 5/ 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق