الاثنين، 21 نوفمبر 2016

بناء الانسان بين النظر والعمل بقلم الاستاذ حسن منصور

لا مفر للإنسان من العيش في جماعة، والواقع أنه يعيش في أكثر من مجموعة اجتماعية: ففي مجال العمل يخالط جماعة، وفي مجال المجاملات والعلاقات يخالط أكثر من جماعة، وفي منزله جماعة أخرى، وكل هذه الجماعات أو الأقسام تنضوي تحت مسمى واحد هو المجتمع الكبير الذي تكون له ملامح عامة تميزه عن غيره من المجتمعات، وبالتالي تجعل له هوية واضحة المعالم ومستقلة عن الآخرين. والإنسان الذي تكون تربيته الأخلاقية والذوقية سليمة وقائمة على قاعدة نظرية نظيفة وقدوة صالحة، فإنه يعتنق مبدأ ساميا أساسيا يقوم على احترامه لإنسانية الإنسان، بغض النظر عن المصلحة الذاتية أو الاعتبارات الثانوية الأخرى كالجنسية أو العرق أو اللون أو الدين، بل من افتراض واضح وهو أن مجرد كون هذا المخلوق إنساناً فإن ذلك يشكل مرتكزاً قوياً وسبباً كافياً لإضمار الاحترام لإنسانيته، ثم تأتي العوامل الأخرى لكي تساعد في تحديد مدى هذا الاحترام وعمقه أو عدم ضرورته إن كان هناك مبرر لذلك.
وتتفق هذه النظرية مع ما كرم الله به الإنسان من استخلافه في الأرض وسجود الملائكة له عندما خلقه الله كما هو معروف في الآيات الكريمة؛ فالاستخلاف في الأرض والسجود كانت قبل أن تبيّن الآيات الكريمة لنا هل هذا الإنسان مؤمن أو كافر، بل منذ أن بدأ الله خلق الإنسان، وقبل وجود أية مبادئ أو أديان، وهذا معناه تكريم [الإنسان كمعنى] بغض النظر عن مسألة الكفر والإيمان أو الطاعة والعصيان. 
[مقتطف من كتابي: (بناء الإنسان ـ بين النظر والعمل). ط2 دار أمواج للطباعةوالنشر والتوزيع ـ ص105.]سلسلة الحضارة والفكر (4)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق