الخميس، 20 أكتوبر 2016

قصة قصيرة بعنوان خيبة نضج بقلم منى الصراف

قصة قصيرة
خيبة نضج
كان يحب اللعب مع (روز) صديقته وزميلته في المدرسة، لم يبلغ السابعة بعد من عمره ، أخبرته روز أنَّ أعياد الميلاد أصبحت قريبة وسيحمل لها بابا نويل هديتها السنوية ، فأخبرها أن بابا نويل يزوره أيضا محملاً بالهدايا.
ضحكت عليه وقالت - كيف ذلك وهو يزورنا نحن فقط أولاد ديانته .. كان لا يدرك المعاني المجردة للمفاهيم الدينية وخاصة في مجال العقيدة الدينية (الغيبيات)، وتعتمد تفسيراته لها على المشاهدات الحسية والواقعية والتي كانت أمه تضلله بها بسهولة عن طريق الأدلة لوجود الشخصيات المحببة للأطفال حتى لو كانت اعياد ميلاد او عيد الفطر وأعياد كثيرة اخرى . أصبح متحمساً لفكرة ( سانتا كلوز ) وشجعته أمه عليها .كانت تعلم أن دور الأم مهمٌ في حياة طفلها لأنها الشخص الأول من الناس الذي سيلتقي بهم ويتعلم منها ، حريصة على تنمية خياله للتعلم والمعرفة المتعلقة بأناس أو أحداث لم يتَح التعامل المباشر معها فكلما فكرنا بالتأريخ أو ربما (الله) فلا بد من استخدام خيالك، فالخيال ضروري وجوهري للتفكير في الواقع . أخبر صديقته أن هذا الملاك الصالح والذي يدعى (بابا نويل) يحب كل الاطفال باختلاف دياناتهم، وأنه طفل مهذب وشاطر ويسمع كلام الماما ويساعد زملاءه في المدرسة وزميلاته الجميلات إن اعتدى عليهن متنمر ، لذلك يزوره أيضا في أعياد الميلاد. قال لها: اكتب له رسالة أضع بها كل احلامي وأمنياتي، وأضع حلوى لأولاد فقراء آخرين، يأخذها الملاك ويضع هديته قرب وسادتي .
صمتت روز إلى الأبد حين جلب لها هديته وكانت أجمل بكثير من هديتها التي حُمِلتْ لها، كانت تلك الأم تعلم أن قدرة الأطفال على التخيل هو مصدر قوة لهم، ويُمكِّنهم حل مشكلاتهم الصغيرة مستخدمين خيالهم، وإن غرزت السعادة والفرح في ذكرياته سيكون له الماضي أجمل ، خداع ذاتي لسنوات قادمة قد تكون له مريرة ، لكنه مع هذا سيبقَى محافظاً على خط تقدمه في الحياة، حتى لو كانت تلك الحلقة مفرغة للمتعة فقط، سيعمل بجد للوصول إلى الهدف وتستمر مطاردته للسعادة بلا نهاية . رفع بابا نويل من معنوياته بإرسال المحبة والمودة بين الاديان . لكن كانت تلك الهدايا تزداد تعقيداً كلما نضج طفلها ، وتلك الاستجابات التي تلقاها من اصدقاءه شكلت له هوية أُخرى ، أصبح الآن يبلغ التاسعة من عمره وأعياد الميلاد قريبة ، أمنياته كبرت وهديته أثقلت من كاهل بابا نويل في بلد أصبح يعاني الفوضى والعوز حتى بخبره الابيض . ظلت في حيرة من أمرها ما الذي سيقدمه هذا العام ذلك الـ (سانتا) لولدها .
كتب أمنياته ووضع حلوى رخيصة من التمر وراح يحدث وسادته عن أحلام له جديدة وذهب بغفوة قلقلة بانتظار شعاع شمس تشرق بهدية ، نهض فزعاً من نومه شاهد هديته المريبة والمثيرة للجدل ، ذهب الى أمه وابتسامة صفراء على وجهه الجميل. قال لها - ما بال ملاكنا هذا العام يا أمي لعل الحصار قد مسه هو ايضاً ، نظرت أمه له باستغراب وقالت وما الذي حدث لهديتك هذا العام يا بني؟ اخبرها - لعل بابا نويل قد أخطأ بعمري أو انه جاء إلى ولد آخر ، فهديته تناسب طفلاً عمره ثلاث سنوات ! وانا الآن في التاسعة يا أمي!؟ زادت وتيرة ضحكاته وأمه وقفت عاجزةً عن تضليله كما كانت تفعل سابقاً ابتسمت له وأخبرته - لقد نضجت ايها الخبيث فلا تنتظر هدايا قادمة أُخرى.
رد عليها بحزن - أرجوكِ أمي لا تجعلي من نضجي خيبة تلازمني طوال عمري سأقبل باي هدية تمنحيني اياها لسنوات قادمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق