الأربعاء، 17 أغسطس 2016

الزمان العاشر بقلم الاستاذ احسان الخوري

الزَّمانُ العاشِرُ ...
بقلم : الشاعر إحسان الخوري
في الزَّمانِ المؤجَّلِ العاشِرِ ..
عِندَ السَّماءِ العاشِقةِ ..
وشَجَرةِ الدَّلبِ ..
نَهضَ المَساءُ من كَبوَتِهِ ..
وأَيقظَ بعضَ النُّجومِ والقَمَرَ..
فتَذكَّرتُ حوريَّتي سَمراءَ الكَستناءِ
واسمُها القَديمُ بِلا ظِلِ ...
حبيبَتي ...
حَدِّثيني عَن لَهجَةِ اللوزِ والبلّوطِ
خَبِّريني عَن غَزَلِ القَمَرِ لِعَينَيكِ
كَمْ جَميلٌ لَوْ أخبَرتِني ..
كيفَ أُخبِرُ غابَةَ الصَّنَوبرِ عَنكِ ..
كيفَ أَغيْبُ في سَفْرِ البَنَفسجِ ..
وأغْفو على حَديثِ الحِكاياتِ ..
كيفَ تَصنَعينَ رائِحَةَ الأُنوثَةِ ..
وكيفَ تَصنَعينَ رائِحةَ أشياءِكِ ..
سَأهمِسُ لَكِ عَن كَثافَةِ الحَنينِ ..
شَذَراتُ الحَنينِ تتَجمَّعُ بِداخِلي
عِشقي ليسَ نَزَواتٍ مَسروقَةٍ ..
الزَّمنُ يُريدُ أن يَمضي ..
يَجتازُ سَريعَاً بَيني وبَينَكِ ..
فَتُسرِفُ عَينيَّ بالتَّأمُّلِ ..
وأَسرَحُ في أقداحِ الشَّوقِ ..
تَستَدرِجُني فَوضى أيَّامي ..
فأُمَزِّقُ الألَمَ خَفيفاً خَفيفاً ..
وأُكْنِسُ بَقايا حَريقِ الوَلَهِ ...
حبيبَتي ...
هلْ أخبَرَكِ اللَّه أنَّكِ مَذاقُ الشَّهْدِ
أنتِ قدْ سَقَطي في دَاخِلي ..
وأنا غارِقٌ في تَوقيتِ عَينيكِ ..
أجلِسُ في ظِلَّ الدَّهشَةِ ..
فتُحيِّرُني كَثافَةُ جَمالِكِ ..
أُراقِصُ لَهفاتِ الجُنونِ ..
ولا أخْشى التَّعلُّقَ فيكِ ...
حبيبَتي سَأُطَلِّقُ عَينَيكِ دَقائِقَ ..
فأنا مَشغولٌ بِحِراسَةِ أبْوابِهما النَّائِمةِ
لا تَعبَثي بِلَذائِذِ الآهاتِ الخُرافيَّةِ ..
ولا بِأجنِحةِ إِغمَاضَةِ الحَواسِّ ..
لا شَيءَ مَصفوفٌ ..
فكُلُّ الجَسَدِ يَحتاجُ إلى القُبُلاتِ ...
حبيبَتي كَيفَ تُصنَعُ الشَّفَتانِ ..؟
كيفَ يَطفو عَليهما المُحرِقُ والشَّهْدُ؟
ألا يُرهِقُهُما مُعتَّقُ الجَمالِ ..؟
هوَ سُؤالٌ يُحيِّرُني وقَرابينُهُ القَمرُ ...
حبيبَتي أطعِمي نَظَراتيَ المُرهَقةِ ..
اِمسَحي وَجَعَ الانتِظارِ من شَفَتيَّ ..
أَطيلي العَطَشَ على نُمورِ الوَقْتِ ..
واحقُني تَوابِلَ العِشْقِ في فُؤادي ...
أتَذكَّرُ في زَحمَةِ قُبُلاتي ..
كيفَ أقِفُ قَليلاً لا شَيءَ يُقالُ ..
ثُمَّ تَتَراشَقُ شَفتَيَّ مَعَ شَفَتَيكِ ..
أدُورُ حَولَ شَفَتَيكِ مَرَّتَينِ ..
أُعَاوِدُ ارتِشافَ النَّبيذِ الأحمَرِ ..
وما بَيْنَ الحَفيفِ وصَدى القُبُلاتِ
عِراكٌ خَفيفٌ حتَّى يتوقَّفَ الضَّجيجُ
وتُختَمُ شَفتايَ على صَهيلِ أنُوثَتِكِ ...
حبيبَتي أنا أُؤمِنُ بالاتِّجاهاتِ ..
سَتَكونُ بوصِلَتي نَهداكِ ..
ما أَجمَلَ ابتِسامَةَ نَهدَيكِ ..
هيَ حَضارَةُ الشَّهْدِ المَرْصودِ ...
أُنظُري دَهشَتي حينَ يَنامُ نَهداكِ
كَمارِدِ مِصباحِ عَلاءِ الدِّينِ ..
يَنامُ ولا يَغمَضْ لهُ جَفنانِ ...
حبيبَتي ..
لا شَيءَ يُشبِهُ سُقوطَ المُرجانِ
فَدَعْكِ مِنْ دَلالِ نَهدَيكِ ..
مِنْ تَحفُّزِ التُّوتِ على النَّهدَينِ ..
وكيفَ تَنامُ أشْجارُ التُّوتِ واقِفةً ...
كائِنُ نَهدَيكِ تَتَلمَذَ على قُبُلاتي ..
سَريرُهُ ارتَعَشَ تَحْتَ أصابِعي ..
قُبُلاتي أيقَظَتْ نَهدَيكِ بِرَعشَتَينِ ..
قَبَّلتْهُما عَكسَ التَّيارِ مرَّتَينِ ..
تَلَعثَمتْ فوقَهُما عَشرَ مرَّاتٍ ..
إرتَدَّتْ بَعدَها مُشاكِسةً للاقتِحامِ ..
ثُمَّ عادتْ لِتَعتلي صَهوَةَ التُّوتِ ..
وتُسَتِّرُ بِشَفَتَيَّ عَورَةَ النَّهدَينِ ...
من ديواني الثَّالِثِ: قَوافِلُ النِّساءِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق