ديوان
على درب الحياة
للشاعرة ليلى عريقات
------------------'
يا شام
يا شامُ يا أرضَ العروبةِ كيفَ لا
نأسى على خطبٍ لكمْ أضْناني
ودمشقُ حاضرةُ الزّمانِ كما بَدا
تاريخُها هيَ أوّلُ البُلْدانِ
وبنو أُميَّةَ قد بنَوْا أمجادَها
وفُتوحُهُم تدعو إلى الإيمانِ
كانَ الوليدُ مُوَسِّعاً جَنَباتِها
والصينُ تابِعَةٌ إلى تَطْوانِ
شادوا العمائرَ والمساجِدَ تَزْدَهي
طوبى لَكُم فُزْتُم بَني مَرْوانِ
ومضى الزّمانُ وكنتِ أرضَ عُروبَتي
كنّا نَزورُكِ دونَ صكِّ بَيانِ
ماذا دهاكِ وأيُّ خصمٍ حاقِدٍ
طُمِسَتْ معالِمُها معَ البُنْيانِ
أينَ العمائرُ أينَ سِحْرُ بُيوتِها
بل أينَ بَحْرَتُها ورهطُ حِسانِ
نيرانُ بغْيٍ تصطلي بِسَمائها
والناسُ قَتْلى شُرِّدوا بِهَوانِ
اللهُ أكبرُ لا أُطيقُ مناظِراً
ساقٌ لِمَن هذي؟ هُناكَ يَدانِ
وتعدّدَتْ فيكِ الخصومُ وكم بَغَتْ
وكأنَّهُم في الظُّلمِ سبقُ رِهانِ
والياسمينُ على غصونِكِ قد بكى
والوُرْقُ ناحَتْ مِن هوانِ زَماني
وإليكَ يا ربّي يروحُ دُعاؤُنا
أنْ تَرْحَمَ الأهْلينَ مِن عُدْوانِ
وانصُرْ جُموعَ الحقِّ أيِّدْ جَيْشَهم
واهزِمْ مِنَ الباغينَ كلَّ جَبانِ
بِكَ يا إلهي نستجيرُ لِأهلِنا
فالشامُ شامي دُرَّةُ الأوْطانِ
---------------
وصايا .....لأولادي
إنْ دنَتْ رحلتي وحان فراقٌ
يا فَتاتيَّ أقبِلا ودِّعاني
واذْرِفا الدمعَ كي يُريحَ نُفوساً
جَزِعَتْ والرَّدى يفِلُّ سِناني
كيفَ أمضي ؟ وما أُحيرُ جَواباً
أينَ عذْبُ القصيدِ أينَ بَياني؟!
ومضى العمْرُ كيف راح سَريعاً
ما حسِبْتُ السّنينَ مثلَ الثّواني
صفَحاتٌ أرنو إليها وفيها
نفَحاتُ الصِّبا وزهرُ الجِنانِ
وتلتْها صحائفٌ بانَ مِنها
فقدُ إلْفٍ وهالني ما اعتَراني
وفِراخٌ وزُغْبُها ما تَبَدّى
نبضُ قلبي ويسگُنونَ جـَناني
ومضى العمْرُ والزّمانُ مُواتٍ
وجَنى الدّربِ حافِلٌ بالأماني
والصّبايا في الثانويّةِ حَوْلي
لم يغِبْ طيْفُهنَّ يهمي حَناني
وجعٌ يستَفيضُ وا لهفَ نفسي
في فؤادي وفي ثنايا كِياني
خابَ ظنّي وما حصَدْتُ مُرادي
يا حبيبيَّ هلِّلا وابكياني
وارْوِيا سيرَتي لِكلِّ حَفيدٍ
فحَياتي غزيرةٌ بالمعاني
وضعوا صورتي لَعَلّي أراكم
أسْمِعوني دُعاءَكم كلَّ آنِ
ربِّ أنتَ الرّحيمُ تعلمُ حالي
فأجِرْني إذا دنا المَلَكانِ
ربِّ إنّي قضَيْتُ عمري أُعاني
فاعفُ عنّي إذا الحسابُ دَعاني
القصيدة على البحر الخفيف،
--------------
العينُ عيني وما جفّتْ مدى الزّمنِ
يا سيّدي كم رماني الدهرُ بالمحنِ
لمّا أتيتُ إلى الدنيا جَرَتْ دِيَمي
والحالُ ظلَّ مريراً يشتكي وهَني
ما اخترتُ دربي ولكنْ إنّه قدري
مثلُ اليمامةِ ناحَت في ذرى الفنَنِ
يا شيخُ لطفي وشكوانا مُشارَكَةٌ
ما صابَكُم وَجَعٌ إلّا غزا بَدَني
دمعي على بلدي تجتاحُهُ نُوَبٌ
فانظرْ لِحالي وقد أزرى بِنا شجَني
إنّي انتظرْتُ لعلَّ اللهَ يُفْرِجُها
خابتْ مُنايَ وقد يدنو هُنا كَفَني
-----------------
يا دارَ أهلي
يا دارَ أهلي كم أحنُّ لشُرفةٍ
منها أُراقِبُ شمسَنا إذْ تَغْرُبُ
والأرضُ شاسعةُ المدى مِن حولِها
كنّا نَلُمُّ زهورَها أو نَلْعَبُ
وعُقودُ حَنّونٍ تُطَوِّقُ جيدَنا
تاجٌ على رأسي اقحوانٌ مُذْهَبُ
أرضٌ يُقالُ لها " الحَمارَةُ" إنّها
ثَرّى ومِن كلّ الأراضي أخصبُ
كانت طفولتُنا البريئةُ كوثَراً
والأرضُ حولي لِلْأحِبَّةِ تُنْجِبُ
يوماً وداهمَنا العدوُّ بِغَدْرِهِ
ما مِن مُقاوَمَةٍ،صُروفٌ خُلَّبُ
دبّابةٌ عبَرَتْ تُجَلْجِلُ بالرّدى
وجنودُهم مثلَ القرودِ تَوَثَّبوا
شَرَرٌ تطايَرَ مِن عيونٍ فجَّةٍ:
( أينَ السِّلاحُ وَوَيْلَكم إنْ تَكْذِبوا)
وظَنَنْتُ أنَّ العُرْبَ سوفَ تُغيثُنا
لكنَّهم ظنَّ البُنَيَّةِ خَيَّبوا
والناسُ ظنّوا الخصمَ سوفَ يَروحُ عَنْ
أرضي وأنَّ الحقَّ دوماً يَغْلِبُ
لكنْ سنينٌ قد تطاولَ مَرُّها
عاثوا فساداً في البلادِ وخَرَّبوا
حتى قضى ربّي بِعاصفةٍ لَنا
ثارتْ ،لِحقِّ بلادِنا كم تَطْلُبُ
بذَلوا الدِّماءَ رخيصةً مِن أجْلِها
مِن أجْلِها ضحّى الشَّبابُ وشُيَّبُ
ودِماكَ يا ابنَ العمِّ فاضَتْ حُرَّةً
كي ينْبُتَ الغارُ الذي نستَعْذِبُ
الله أكبرُ فلْتَجِئْ يا نَصْرَنا
وعدُ الإلهِ وما لدَيْهِمْ مَهْرَبُ
أقحوان: همزتها همزة قطع ولكني سهّلتها وجعلتها همزة وصل للضرورة الشعرية وهذا جائز في عروض الشعر
----------
يا نفسُ مهلاً قد دَنا مٍشْواري
لم يبقَ شيءٌ دُوِّنَتْ أخباري
زَمَنَ الطّفولةِ كنتُ أسعدَ طفلةٍ
فاحتْ زهوري وانتشَتْ أطْياري
وأبي بكلِّ مودَّةٍ قد حاطني
والأمُّ تهمي بالهنا المِدْرارِ
كانت خُطايَ مع الرِّعايةِ لا تَني
ومضيْتُ بالإيمانِ والإصرارِ
وبدأْتُ أُنشِدُ لِلْحياةِ قصائداً
وأبي يُصَفِّقُ راعياً أشعاري
* * *
كنّا وكانوا ثمَّ أقبلَ عاصِفٌ
والرّيحُ تُعْوِلُ مثلَما الفُجّارِ
سلَبَ العِدا أرضي وعاثوا ويْلَهم
والإنكليزُ يُعينُ كالسِّمْسارِ
همَتِ الدموعُ وكم بكيتُ بِحُرْقَةٍ
قد جَرَّفوا سَرْوي مع الأسْوارِ
كم مِن شهيدٍ باتَ يَرْقى لِلسَّما
كم مِن أسيرٍ صامدٍ جبّارِ
والأهلُ هبّوا قاوَموا ببسالةٍ
حتّى الصِّغارُ مَضَوْا مع الثُّوّارِ
مستوطنونَ عَدَوْا عليْنا أتْلَفوا
شجَراً وهدّوا في الدُّجى دوّاري
وعدوُّ ديني حاقدٌ مُتَنَمِّرٌ
هدَمَ المساجِدَ مثلَ وحشٍ ضارِ
في المسجدِ الأقصى تدكُّ نِعالُهم
والأهلُ صَدّوا هجمَةَ الأشرارِ
وحجارةُ الأطفالِ تبعثُ رُعْبَهم
ما بالُكُم بالفارسِ المِغْوارِ!
ذاكَ المُلَثَّمُ كم يقضُّ منامَهُم
ويظلُّ منتصِباً لأجلِ الثّارِ
إنَّ العجوزَ غَدَتْ بأرضي لَبْوَةً
وحِذاؤُها ترمي على الغدّارِ
لا بُدَّ مِن يومٍ نُحَقِّقُ نَصْرَنا
ويُكَلِّلُ الأبطالَ تاجُ الغارِ
وأعودُ أسعَدُ إذْ أُقَبِّلُ تُرْبَها
وأقولُ قد عبقَتْ لنا أزهاري
--------------
ما هادَنْتَني
وما هادَنْتَني يا دهرُ حتّى
أقولَ رَئِفْتَ بي يوْماً زمأني
وقَد هَدَلَتْ يمامةُ أرضِ كُبْسا
بِسامي نور عيني قد دَهاني
طواهُ الموتُ كانَ شقيقَ روحي
وشهْماً تُرْتَجى فيهِ الأماني
مضيْتُ وظلَّ يكْوي لي فؤادي
وما يوْماً نسيتُ ولا سَلاني
وتفجعُني بِبَيْنٍ لابنِ عمّي
أبٌ لثلاثةٍ شدّوا عِناني
وكم ثارَتْ عواصِفُ في طريقي
صُروفُ الهمِّ يحملُها جَناني
سَلوا دمعي فما جفّتْ عيوني
وَيُتْمُهُمُ بِيَمٍّ قد رماني
ولمّا عُدْتُ لِلميناءِ قُلْنا
لعلَّ الدّهرَ يهْمي بالحنانِ
تجهّمَ لا يُريدُ لَنا فكاكاً
ويطعنُ بالسّيوفِ وبالسِّنانِ
معاركُهُ معي...لا حَلَّ عندي
فإنّي آهِ أخْسَرُ في رِهاني
أيا أولادُ يحْميكم إلهي
ويُنْجيكم ويرحمُ كلَّ آن
------------
مرَّ الزّمان
( لكلِّ شيءٍ إذا ما تمَّ نُقْصانُ)
أينَ الزّمانُ وعنّا غابَ خِلّانُ
منهم طوَتْهُ المنايا وجهُها كَدِرٌ
منهم مضى لِأقاصي الأرضِ كم هانوا
والعيشُ كانَ بأرضي وجهُهُ ألِقٌ
يهمي العبيرُ ووجهُ الأرضِ فَتّانُ
والياسمين بِقُربِ البابِ يبسِمُ لي
بيني وبين الشذا ودٌّ وأشجانُ
كلُّ الفواكهِ تُغرينا بِموسِمِها
قد كان يخضرُّ خلفَ الدّارِ بستانُ
تلكَ الحساسينُ لا تنْفَكُّ شاديةً
قربَ الكنارِ يُغَنّي وهو نشْوانُ
والشّمسُ إن غَرُبَتْ يَزْدانُ سامِرُنا
فالأهلُ كلُّهُمُ شيبٌ وشُبّانُ
على الرّبابةِ جدّي كانَ يُنشِدُنا
شعرَ البطولةِ والأخلاقُ عنوانُ
والرّيحُ هبّـتْ بِيومٍ جوُّهُ عَكِرٌ
عاثَ اليهودُ ،على بلدانِنا رانوا
بِلا سِلاحٍ ولا تُجْدي مُقاوَمَةٌ
خَلْقٌ كثيرٌ مِنَ الأهلينَ قد بانوا
وعُدتُ أُكْمِلُ تعليمي بجامعتي
زرقاءُ داري ونبضُ القلبِ عـمّانُ
مرَّ الزّمانُ وهبّتْ ثَوْرَةٌ عَصَفَتْ
شَلَّت كيانَ العِدا والشّعْبُ طوفانُ
إنّي لَآملُ أن يشْتَدَّ ساعِدُها
وتدحرَ البغْيَ لا يبقى لهم شانُ
غداً بِإذنِ إلهي يومُ عودتِنا
واللهُ يَنْصُرُ مَن يَهْديهِ إيمانُ
ّ-------------
وفاء
وفيْتُ وسارَ الوفاءُ معي
فما خُنْتُ يوْماٌ ولا أكذِبُ
وفيتُ لأهلي وحُزْتُ الرِّضا
وأصغرَ فرْدٍ بِهِم أصْحَبُ
وفيتُ بِتعليمِ أجيالِ مَن
تودُّ التّعَلُّمَ لا تَتْعَبُ
غدَتْ طالباتي كَمِثلِ ابنتي
لها ألفُ- أهلاً- لها المَرْحَبُ
وخبّأتُ إلفِيَ بينَ الحشا
ولكنْ يدُ الموتِ ذا أقْرَبُ
وفيتُ لِطيفٍ مضى هاجِراً
وإنَّ هوايَ لهُ الأعذَبُ
وفيتُ لأرضٍ بِها نشأتي
سباها العِدا وبِها عَجَّبوا
وشعبي يثورُ وما نجدةٌ
فأهلي مِنَ العُرْبِ قد غُرِّبوا
وفيتُ لِأُردُنّنا قد سَما
لهُ الروحَ أبذُلُ لو تُطْلَبُ
وفيتُ لأطيافِ مَن غادروا
لِأُخرى ودمعي لهم يُسْكَبُ
وفيْتُ لِدارٍ سكنتُ بِها
عُقوداً إلى أن غَدَتْ تَخْرَبُ
أمُرُّ عليها فيَهْمي النّدى
أُغالِبُ دمعي وكم يَغْلِبُ
وما رأيُكم يا بَنِيَّ ألمْ
أَكُن أمَّكم والشّذى طَيِّبُ
وفيْتُ لِشِعري وقد قُلْتُ صِدْقاً
مِنَ القلبِ كلَّ المَلا يُطْرِبُ
َّ
رفيقاتِ عُمري إذا راحَ عمري
أصونُ الودادَ،فَمَن يعْجَبُ!؟
---------------
المرايا
أُحبُّ الليلَ أرحلُ فيهِ وحدي
أُناجي النجمَ أحكي ما أشاءُ
أُغنّي والنّجومُ لها وَميضٌ
فتلمعُ حينَ يطربُها الغِناءُ
وأذكرُ صفحةً كانت بِعمري
فأبكي آهِ يُسْعِفُني البكاءُ
إذا هبَّ النّسيمُ ...لعلَّ فيهِ
صدىً مِن قصّتي وبهِ العزاءُ
فأينَ سنينُ عمرٍ كنتُ فيهِ
كمثلِ أميرةٍ وبِها الإباءُ
كمِثلِ فراشةٍ أعدو وأشدو
وكانَ العمرُ يَرْويهِ الصَّفاءُ
وأهلي... أينَ أهلي رحّلَتْهم
رياحُ البينِ نادتْهم فَناؤوا
وأُمّي كنتُ أقصدُها بِهَمّي
فتحْضُنُني ويَخْضَرُّ الرّجاءُ
غريمي؟ لا غريمٌ كالمرايا
تُريني أينَ أعوامي الخـواءُ
أضَرَّ بِوجْنَتَيَّ هُطولُ دَمعي
وفتّتَ رُكبتي ذاكَ الشّقاءُ
ألا يا عُمرُ وَيْحَكَ كيفَ تمضي
أَعاثَ بِعَذْبِ أحلامي الهَباءُ؟!
ليلى عريقات
--------------
..لتسقط صفقة القرن
...
يا صفقةَ القرنِ التي كادتْ لنا
لا لن تمرّي إنّنا أحياءُ
مهما عدا الباغونَ يفشلُ رسْمُهُم
فالشعبُ شعبي ما بهم جُبُناءُ
هم أقسموا ألّا يمرَّ مُخَطّطٌ
فالقدسُ باركَها لَنا الإسراءُ
يا أهلُ لن يمضي نضالُكُمُ سُدىً
أسرى وجرحى..للفدا شُهَداءُ
كم مِن مآسٍ مِن جنايةِ خصْمِنا
ضجّتْ لها الغبراءُ والجوزاءُ
كم مِن يتامى قد تكدَّرَ عيشُهُم
كم مِن ثكالى دمعُهُنَّ سَخاءُ
وعْدُ الإلهِ لنا بِمُحْكَم آيِهِ
أنّا سَنُنْصَرُ لن يخيبَ رجاءُ
فالأرضُ مِن نهرٍ لِبحرٍ أرضُنا
وغداً على الأقصى يرفُّ لِواءُ
الشاعرة ليلى عريقات
--------------
لا حظَّ لي
لا حظَّ لي آهٍ إليكم قصّتي
ومعي الدّليلُ فليسَ تهجرُ دمعتي
سامي طبيبي كيف تمضي يا أخي
مِنْ بعدِ ما كنتم عميدَ الدُّفعةِ
إن الصّهاينةَ اللئامَ تجمّعوا
للنّيلِ منكم في بلادِ الغربةِ
دهسوكَ عمداً والمرورُ بصَفِّهم
لِيُكَفِّروا عن هتلرٍ وا خيبتي
قد كنتَ تسعى لاتّحاد شبابنا
عندَ انطلاقِ بشائرٍ لِلثّورةِ
ورحلْتَ ما جفّتْ دموعي بعدَكم
في( الأردنيّةِ) كنتُ أبدأُ خطوتي
والحزنُ عشّشَ كيف يهدأ خاطري
والأمُّ ثكلى كيفَ تبدو بسمتي
ومضتْ بيَ السّنواتُ نلتُ شهادتي
" ممتازةً" لكنْ بقلبي غُصّتي
أينَ الذي خطّطْتُهُ كنّا معاً
لهفي رحلتَ وانتَ اكبرُ إخْوَتي
* * * *
زمنٌ يدورُ بِنا وكنتَ تُحِبُّني
تمّ الزواجُ حسبتُ هلَّتْ فرحتي
أيلولُ أسودُ قد أتانا عابساً
أوّاهِ ما أقساهُ نغّصَ عيشتي
جاءَ الجنودُ يُسائلونَ وفتّشوا
أخذوا سِلاحَكَ ما دريتُ بعِلّتي
وعرفتُ أنّكَ قد لحقْتَ بأهلِنا
ودمشقُ صارت بعدَ ذلكَ ديرتي
ومضتْ بِنا السّنواتُ خمساً لا سِوى
جاؤوا بنعْيِكَ ما أشدَّ وجيعتي
طفلانِ ما زالا بليِّنِ زُغْبِهم
والبنتُ في رَحِمي وتعصُرُ مُهْجتي
يا حسرتي راح الامانُ بفقدِكم
هذا هوَ العمرُ الذي مِن قِسْمَتي
ورجعتُ للزرقاءِ بعد جنازةٍ
عاد الشّهيدُ معي وأجّجَ حُرْقَتي
في الشامِ في لبنانَ ساروا خلفَهُ
والمدفعيّةُ أطلَقَتْ كم طلقةِ
وأنا التي يُغْشى عليَّ لِما أرى
(يَمِّ الشهيدي زغردي) يا لوعتي
* * * *
وخلالَ أسبوعٍ سعيْتُ لِعودتي
لوظيفتي في الثانويّةِ بُغْيَتي
ورعيتُ أطفالي بقلبٍ نازفٍ
وولدتُ أروى مثلَ أجملِ زهرةِ
ربّي رعانا كانَ يعبُرُ زَورقي
يمَّ الحياةِ بعوْنِهِ وبحكمتي
واشتدَّ عودُهُمُ وأورقَ غُصْنُنا
وبدا الجنى عذباً بلمحِ المُقْلَةِ
والكلُّ راحَ لشأنهِ وحياتِهِ
ورجعتُ أندبُ حظَّنا في وَحْدَتي
أمّي مضَتْ كانت لروحي بلسماً
وأبي مضى وانفضَّ جمعُ أحِبَّتي
وإذا بدا طيفٌ لأمسحَ دَمعَتي
سرعانَ ما يمضي وأذرفُ عَبْرَتي
--------------
يا رحلةَ العمر
يا رحلةَ العمْرِ كم طيفٍ أُلَوِّنُهُ
مَرّتْ كمثلِ مُرورِ السّهمِ لم تُدُمِ
كنّا وكانوا وتلكَ الأرْضُ مَرْتَعُنا
والقلبُ خالٍ مِنَ الأحزانِ والسَّقَمِ
بُيوتُنا كَقُصورٍ قد عَلَتْ عَمَداً
تلكَ الحدائقُ إنْ تنظرْ لها تَهِمِ
هُنا بُيوتُ جميعِ الأهلِ ماثلةٌ
عمّي وخالي وجيرانٍ لهم ذِمَمي
ويَعْبُرُ الطيْفُ مُزْداناً بِمَدْرَستي
رفاقُ درْبٍ أثاروا الوجدَ مِلْءَ دَمي
كم كنتُ أزهو بِأنّي كنتُ أوَّلَهم
لِلّهِ يا أبَتي تعلو بِكم هِمَمي
مَرّتْ طُيوفٌ وأزهارٌ لَنا عَبَقَتْ
مِن بَوْحِ إلفٍ وعودٌ مِنهُ كالقَسَمِ
لاهِ ابنَ عمّي وما أدْري سَيَخذِلُنا
دهري،تروحُ تُخَلّيني مَعي ألَمي
كانت دمشقُ كمِثلِ الأُم ِّتحضُنُنا
والياسمينُ سميرٌ أعذبُ النِّعَمِ
ما كنتُ أدري بِأنَّ البينَ يصرعُنا
ناحَتْ عليكَ ذُرى قاسيونَ في القِمَمِ
وعُدْتُ أحملُ في حضني فِراخَكُمُ
كانت جَنيناً وإنَّ اليُتْمَ كالعَدَمِ
مشيْتُ دربي وأحزاني تُلازِمُني
راحَ الرّفيقُ وتاهتْ بسمةٌ بِفَمي
وبعدَ لَأْيٍ سوادٌ غابَ عن أُفُقي
صاروا شَباباً غرَسْنا فيهِمُ قِيَمي
وعُدْتَ تَبْحَثُ يا وجدانُ عَن وَجَعٍ
أما اكتَفَيْتَ وقد كُنتُم كَما العَلَمِ
أُوّاهِ ذا قَدَري بالهمِّ حاصَرَني
غداً أروحُ،سنينُ العُمْرِ كالحُلُمِ
------------
الشاعرة ليلى عريقات
أُمٌّ أنا
أُمٌّ أنــــــا شـــــرَفٌ بـــــهِ أزْهـــــو إذا عُــــدَّتْ مـفـاخـرُنـا بِـجـمـعِ الأمّــهـاتِ
قـــالــوا: مــعـلّـمـةٌ فــقـلـتُ: مــنــارةٌ كــم أرْسـلَـتْ نــوراً لـتـهدي الـعـابراتِ
لِـــلْأرضِ عـاشـقـةٌ تـشـبّـثَ جِــذْرُهـا فـي الـعُمقِ يـرْسخُ رغمَ كلّ الحادثاتِ
لا مــــالَ عــنــدي لا قــصــورَ بـنـيْـتُها لـكـنْ غِـنـايَ يُـعَـدُّ مِـن أغـلى الـهِباتِ
إنّ الأمـــومــةَ نــعــمـةٌ مِـــــن ربِّــنــا جــنّــاتُـهُ رهْـــــنٌ بِــطَــوْعِ الـحـانِـيـاتِ
أوصــــى بِــهــا ربّـــي بِـمُـحْـكمِ آيِـــهِ حـــثَّ الــرّسـولُ بــأن يَـكُـنَّ الأولـيـاتِ
وَلَــكَـمْ تُـعـانـي الأُمُّ تـحـضُـنُ زُغْـبَـهم حـتّـى يـشُـبّوا، حـبُّـها طــوْقُ الـنّـجاةِ
وإذا ألَــــمَّ بِــهِــمْ مُــصــابٌ تــرْتـجـي ربَّ الــعـبـادِ لِــكــي يــكُـفَّ الـعـادِيـاتِ
لا يـنـتـهي مِـشْـوارُهـا فـــي وُدِّهـــم حــتـى تُــوارى يــومَ مـيـعادِ الـمَـماتِ
يــــا أهـــلُ والـتـعـليمُ مــثـلُ أُمــومـةٍ حرِصَتْ على نشْءٍ ليعلو في السِّماتِ
لا الـعـلـم وحـــدَه بـــل فـضـائلُ أُمّــةٍ سـبقَتْ سِـواها في سِجِلِّ الماجِداتِ
وَبُــنَـيَّـةٍ تَــمْـضـي ويــبـقـى طـيْـفُـهـا قــد نـلـتقي يـومـاً فـمـا عـقَّتْ بَـناتي
يــــا أرضُ يـوجِـعُـنـي فــراقُـكِ إنّــنـي أهــفــو إلــيـكِ وتـعْـتَـريني ذكـريـاتـي
أقــسـى الـمـواجِعِ أنْ يَـجـولَ دُخَـيِّـلٌ مِــــن آلِ صــهـيـونٍ أتَــــوْا بـالـنّـازِلاتِ
يـــا أهـلَـنـا ربّـــي سـيـجـبُرُ كـسـرَكم إنّ الـجـهادَ فَـريـضةٌ فــي الـمُـحْكَماتِ
شُـــدّوا عَـلـيـهم بـالـحـجارةِ والـمُـدى حــتـى يُــطِـلَّ الـفـجرُ يُـزْهِـرُ بـالـنَّجاةِ
ليلى عريقات
------------------
حكايتي والشعر
رواني بالقوافي مُذْ وعَيْنا
أبٌ هادٍ ويسمو لِلعَنانِ
وحبّبَ لي حكاياتِ الغواني
أبو فرَجٍ رواها في ..الأغاني..
وأشعارَ الحماسةِ عند عبسٍ
وعنترةً على ظهرِ الحِصانِ
وعمّوريّةً ما قيلَ فيها
أبو التّمّامِ سابقَ في المعاني
وحبَّ الأهلِ هم للمرءِ درْعٌ
تقيهِ مِنْ مَغَبّاتِ الزّمانِ
وحبَّ الله ..أوّلُ كلِّ حبٍّ
تهيمُ الروحُ بالسّبعِ المثاني
وعشقَ الأرضِ دَيْنٌ مُسْتَحَقٌّ
وعلّمَني قوافي العُنْفُوانِ
أنا والشِّعْرُ ما افترَقَتْ خُطانا
يُسايِرُني وإن عزّتْ أماني
بكيْتُ بكَتْ قوافي الشِّعرِ كَلْمى
رثَيْتُ وكم غدا شِعْري يُعاني
شَبَبْتُ وشبَّ في قلبي حَنينٌ
يُلازِمُني ويُفصِحُ بالبيانِ
وحتّى بعدما قد شابَ شَعري
قوافي الشِّعرِ تُفْصِحُ عن جَناني
وما يومٌ مضى مِن دونِ شِعْرٍ
فكيفَ أحيدُ عَنْ نبعٍ رواني
وماذا بعْدُ؟ فَلْتنْعَ القوافي
رحيلي ..واحفظوا نجوى حَناني.
--------
مجلة هاملت الالكترونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق