الجمعة، 5 مارس 2021

لغتنا الجميلة في علم العروض و القافية // الشاعر خالد خبازة

 لغتنا الجميلة


في علم العروض و القافية 


البحث الآول 


في القافية و قواعدها  

نظرا  لما لأهمية القافية  في بناء البيت الشعري .. و بالتالي  في بناء القصيدة ككل

و لما كنت دائما أقول : 

القافية .. ثم القافية .. ثم القافية  

 كما كنت أقول  :

القافية هي باب القصيد .. و مدخلك الى القريض 

فلا شعر  دون قافية .. كما  لا بيت دون روي  

و نظرا لما لاحظته من أنه مازال هناك الكثير من شعرائنا الأحباء يقعون  في اخطاء فاحشة في القافية  .. 

لذلك أعود لنشر ما كنت نشرته من بحوث تتعلق بالقافية .. للمرة الثالثة  ..

و كما عودتكم  في كل يوم سبت  

 راجيا أن أكون قد أوصلت المعلومة الى طالبها 

و الله ولي التوفيق .


تعرض علم العروض للكثير من البحث و الدراسة , و قام الكثير من كبار شعرائنا و دارسينا ، بالتعرض لموضوع الأوزان الشعرية و بحور الفراهيدي الخمسة عشر و التي زاد عليها أبو الحسن  سعيد بن مسعدة البلخي الملقب  " الأخفش الأوسط " البحر السادس عشر  . . ولم يتركوا  فيها أي زيادة لمستزيد . 

الا أن قليلا منهم من بحث أو تحدث في علم " القافية " و الحروف التي تتألف منها , أو تحدث عن عيوبها التي كثيرا ما يقع فيها عدد من الشعراء , خاصة منهم المستجد في النظم . 


ونظرا لما لعلم القافية من أثر في بناء القصيدة و سلامتها وما لها من أثر في الشعر العمودي بشكل عام . فقد ارتأيت أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع باحثا في أحرف القافية و العيوب التي تطرأ عليها و التي يجب على الشاعر تجنبها .. أخذا بأيدي الشعراء الجدد الذين يحاولون كتابة الشعر العمودي ..ليكونوا على بينة من أمرهم واطلاع بيّن , فيتجنبوا الوقوع في أي خطأ من أخطائها . و سأقوم  باعادة  تقديم مجموعة من المقالات و البحوث كنت  نشرتها  من قبل  ..  حول موضوع القافية و عيوبها  بشكل دوري ، ما سمح به  الوقت و الجهد ..  

 و الله ولي التوفيق .


علم العروض و القافية  

 

علم يتعلق بالوزن الشعري ، و بالشروط  التي يتوجب  على الشاعر التزامها في نظم قصائده . 

و لا بد من القول ، ان كثيرا  من قدماء الشعراء ، كان  قد وقع في أخطاء في القافية  ، كما حصل مع النابغة الذبياني ، و الفرزدق و غيرهما من الشعراء . لا مجال لذكره هنا  .

 أقول : كيف لنا أن نتذوق الشعر العمودي بشكل صحيح ، ان لم يتهيأ لنا الشعور بوجود الخطأ فيه ؟ .. وكما أن المتلقي ، لا يستطيع فهم المعنى الصحيح في شرح بيت من الشعر ما لم يكن ملما بالنحو  و الصرف في اللغة العربية ، كذلك فان  تذوق المعنى الجميل لا بد فيه للمتلقي و للشاعر من أن يكون ملما الى حد ما بالموسيقى الشعرية  ، يتلمس بأذنه  مكامن الخطأ في البيت الشعري ، فيكون فهمه للمعنى و تذوقه لموسيقا الوزن صحيحا و سليما .


ان بحور الشعر و أوزانها ، أضحت معروفة ، وقد درسها أغلبنا في المدارس و المعاهد و غيرها .. و هي البحور الخمسة عشرالتي وضع قواعدها الخليل بن أحمد الفراهيدي و زاد عليها " الأخفش الأوسط " ، البحر السادس عشر . لذا لن أخوض في أوزانها و عيوبها ، فهي بحر لا قرار له ، الا ما ندر .. و على سبيل المعلومة الطارئة .

وسأبحث فقط  في القافية و في  عيوبها ، مستعينا  بالعديد من كتب التراث  أهمها كتاب "  القوافي " للأخفش الأوسط  و كتاب آخر اسمه  " القوافي " أيضا  لأبي يعلى التنوخي  وكتاب " نضرة الاغريض في نصرة القريض "  للمظفر العلوي  ..  و سأنشرها على عدد من الحلقات ، علنا نستفيد منها جميعا .


في أحرف القافية 

قبل البحث في موضوع القافية وعيوبها  .. علينا أن نتعرف على حروفها أولا.. و ما هي هذه الحروف و ما تسمياتها .. و من أي حرف تبدأ القافية .. و بأي حرف تنتهي . .

يعتقد كثير من الناس   أن القافية هي هذا الحرف الأخير الذي ينتهي به البيت الشعري كاللام  او الراء ، او الباء أو غيرها .. فهذا الحرف ليس ما يسمى بالقافية , و انما  لا يعدو كونه جزءا منها وواحدا من  أحرفها ,  فاذا أطلقنا عليه اسم القافية , نكون قد أطلقنا اسم الكل على الجزء . 

وهذا الحرف الأخير من القافية وهو الذي يتكرر في كل أبيات القصيدة , هو ما يسمى حرف " الروي " .

فالقافية هي في الحقيقة  الكلمة أو  مجموعة الحروف التي ينتهي بها البيت الشعري ، و يتحدد مجموعهابما يلي 

 ننظر  الى آخر حرف ساكن في البيت .. والذي يسبق حرف الروي .. ثم الأحرف التي بعد هذا الحرف الساكن .. مضافا اليها الحرف المتحرك الذي يأتي قبل الحرف الساكن المذكور مباشرة ،.

 فمجموع هذه الحروف ،  هو ما يسمى " حروف القافية " 

و يسمى الحرف الأخير المتكرر مع الأبيات التي بعد البيت الأول " الروي " فيقال قصيدة رويها باء أو لام أو جيم ..الخ .. 


و بالتالي ، لكي تكون القصيدة متوازنة و القافية مطمئنة وسلسة عذراء لا خطأ فيها ، يجب أن تكون مجموع هذه الحروف في البيت و ما يليه من أبيات منسجمة و متفقة  في حركاتها ،  فاذا اختلت حركة حرف منها ، اختلت معها القافية  ، و اعتبرت القافية معيبة ..

 و ليس المقصود بانسجام حروف القافية  تكرار هذه الحروف .. و انما يجب أن تكون هذه الحروف متفقة و متوافقة من حيث الحركة و السكون فيما بينها وفي جميع الأبيات اللآحقة ، كقول المتنبي :


و اني لمن قــوم كأن نفـــــوسهم ... بها أنَفٌ أن تسكن اللحمَ و العظْما 

كذا أنا يا دنيا ، اذا شئتِ فاذهبي ... و يا نفسُ زيدي في كرائهها قدْما 


ففي البيت الأول : نرى أن أحرف القافية هي " عظما " 

أي  كل من حرف  .. العين .. و الظاء..  و الميم ..  و الألف .. ع . ظ . م . ا  

فالحرف .. ظ ..  هو الحرف الساكن الأخير ما قبل الروي .. و الحرف .. ع ..  هو الحرف المتحرك الذي يأتي قبله مباشرة .

أما البيت الثاني : فان حروف القافية هي " قدما ". فحرف الدال هو آخر حرف ساكن قبل حرف الروي ، و القاف هو الحرف المتحرك قبله مباشرة .

نلاحظ هنا في البيتين المذكورين , مدى الانسجام في أحرف القافية , من حيث توافق  الحركة و السكون فيهما .

و لو أردنا تكملة الأبيات فسنجد حروف القافية تماثل : 

  " سهما ، لحما ، شحما ، دهما ..الخ .. " 

 و بالتالي فاننا لا نستطيع أن نضع كلمة تتكون من مجموعة من الحروف تماثل هذه الكلمات :

 "  راحما ،  قديما ،  سموما "  أو "  قِمَما ، قَسَما . رَجَما "

 بالرغم من أن الروي  المتكرر دائما هو حرف الميم ..  الا أن حركات هذه الأحرف  لم تلاق انسجاما و لا توافقا مع حركات  حروف القافية الأصلية التي ابتدأنا بها ببيتي المتنبي  ..  

 و بالتالي فقد اختلت حركات القافية و أصاب القافية العيب . 


سيكون للبحث تكملة في منشور  لاحق  ان شاء الله  


...............

خالد عبدالقادر خبازة 


اللاذقية



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق