الصَّاحِبُ
إذَا شِئْتَ أَنْ تَنْتَقِي صَاحِبًا
فَلَا تَنْظُرَنَّ إلى شَكْلِهِ
فَبَعْضُ الوُجُوهِ هُلَامِيَّةٌ
بَشُوشٌ وَيَلسَعُ في ذَيْلِهِ
تَأَمَّلْ مَلِيًّا إلى طَبْعِهِ
تَرَى صُورَةَ الرُّوحِ في فِعْلِهِ
فَمَا هَيْبَةُ المَرْءِ في جِسْمِهِ
إذَا الجَهْلُ خَيَّمَ في عَقْلِهِ
وَمَنْ لَمْ تَرَ اللهَ في وِدِّهِ
فَلَا خَيْرَ فِيْهِ إلى خِلِّهِ
وَمَنْ لَمْ يَكُنْ للنَّبِي ذَاكِرًا
فَهَذَا دَلِيْلٌ عَلَى بُخْلِهِ
وَلَا تَرْجُوَ المَنَّ مِنْ حَنْظَلٍ
فَكُلٌّ يَعُودُ إلى أَصْلِهِ
تَوَخَّ الخَبِيْثَ وَأَعْمَالَهُ
فَسَهْمُ العَدَاوَاتِ في نَبْلِهِ
وَلَا تَأَمَنَنَّ عَلَى كَاذِبٍ
لَا يُعْرَفُ الجَّدُ مِنْ هَزْلِه
وَلَا تَرْجُوَ السِّتْرَ مِنْ عَائِبٍ
فَلَا تَسْلَمَنَّ مِنْ عَذْلِهِ
وَسَايِرْ قَوِيًّا شَدِيْدُ الرُّؤَى
وَلَا تَمْشِ أَعْمَى عَلَى كِفْلِهِ
وَدَعْ أَخْرَقِ النَّاسِ في غَيِّهِ
فَلَا تَقْدِرَنَّ عَلَى حَمْلِهِ
سَتَسْعَى إلى حَيْثُ مَاقْد سَعَى
وَإنْ مِلْتَ تُشْنَقُ في حَبْلِهِ
وَلَا تَسْأَلِ المَرْءُ عَمَّا جَنَى
فَكُلٌّ سَيُسْحَبُ مِنْ رِجْلِه
وَلَا تَطْلُبِ الخَيْرَ مِنْ ظَالِمٍ
وَمَنْ يَبْخَسِ النَّاسَ في كَيْلِهِ
تَغَارُ الوُحُوشُ عَلَى بَعْضِهَا
وَكُلٌّ يَحِنُّ إلى مِثْلِه
وَبَعْضُ الرِّجَالِ كَأُرْجُوحَةٍ
يَمِيْلُ لِمَنْ زَادَ في أَكْلِهِ
تَدَبَّرْ أُمُورَكَ في حِكْمَةٍ
فَكَمْ جَاهِلٍ تَاهَ في جَهْلِهِ
وَشَاوِرْ حَكِيْمًا وَأَهْلَ التُّقَى
وَخُذْ أَحْسَنَ الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهِ
فَلا يَبْلُغُ العَبْدُ غَايَاتِه
إذَا لَمْ يَشُدُّ عَلَى رَحْلِهِ
وَلَا قُوَّةُ السَّيْفِ في حَدِّهِ
إذَالَمْ يُثَبَّتْ إلى نَصْلِهِ
وَيَسْتَقْوِيُ المَرْءُ في قَومِهِ
كَمَا قُوَّةُ الحَبْلِ في فَتْلِهِ
إذَا اخْتَرَتَ شَيْئَيْنِ خُذْ لَيِّنًا
تَجِدْلَذَّةَ العَيْشِ في سَهْلِهِ
وَإنْ صَدِئَ القَلبُ لَا يَرْعَوِي
فَبَادِرْ بذِكْرٍ إلى صَقْلِهِ
تَزَوَّدْ بِتَقْوَى لِيَومِ السُّكُونِ
تَنَلْ كُلَّ أَجْرٍ وَمِنْ فَضْلِهِ
فَسُبْحَانَ مَنْ لَيْسَ مِنْ بَعْدِهِ !
وَلَا كَائِنٌ كَانَ مِنْ قَبِلِهِ
أَخِي ! لَيْسَ لِلنَّاسِ مِنْ مَهْرَبٍ
جَمِيْعًا نَسِيْرُ إلى ظِلِّهِ
سَلُوا اللهَ خَيْرًا فلَاتَيْأَسُوا
وَلَا يَقْنَطِ المَرْءُ مِنْ سُؤْلِهِ
أبو مروان السعيدي
اليمن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق