الثلاثاء، 22 يناير 2019

في أصول الحوار // بقلم المبدع // الاديب يحيى سمونة

مقال
في أصول الحوار
/ 28 /
...
كنت في منشور سابق قد وعدتكم أن نتابع معا وقفاتي في مسألة "الديكتاتورية"، و كان صديقي قد طلب مني أن أكون صريحا و واضحا في موقفي منها و من مسائل كثيرة غيرها، قد غدت أمتنا لا تفقه من أمرها شيئا إزاء تلك المسائل
لكنني كنت قد تساءلت قبل هذا ما إذا كان يحق لنا نحن أفراد هذه الأمة أن نعاير سلوكنا و منطقنا و ما نسطر به أفعالنا أن نعاير ذلك إلى منطق أولئك الذين دفعوا إلينا بكلماتهم و فرضوها علينا كي نحتكم إليها باعتبارها غاية ما توصلت إليه ثقافة اﻹنسان في تهذيب السلوك و في إدارة المجتمعات البشرية !!
و كنت قد تساءلت هل من الضروري أن تدخل تلك الكلمات المستعارة قاموس سياستنا لتكون مرجعا لنا إذ نسعى إلى إنشاء حوار فاعل بين أطياف المجتمع كافة؟ و هل يمكن اعتبار تلك الكلمات المستوردة جديرة بمجتمعاتنا لتكون نموذجية في إنشاء و تسطير علاقاتها ؟
قلت: أرى فيما أرى أن الكلمات المستوردة ساهمت بشكل مقيت و مقرف في تشتيت فكر الإنسان العربي! و جعلته يسوق نفسه بيده إلى مقتله و يدمر كيانه و يعبث بثقافته الأصيلة من حيث لا يشعر!
أيها الأحباب:
كنت قد بينت لكم في وقفة سابقة أنه لا بد للمرء كي يكون ناجحا في حواره من أن يطرح بين يدي حواره "مثالا نفيسا" يوافق عليه و يقر به كل من اطلع عليه و كل من اكتحلت به عيناه، ثم أردفت القول بأن بعضا من المدارس الفكرية الغربية أدخلت إلى ساحة ثقافتنا فلسفات قد كانت أمتنا في غنى عنها - فضلا عن أن تأخذ بها و تعمل بمقتضاها ! - فكانت فكرة الديكتاتورية و غيرها كثير مما سنعرج عليه لاحقا بعون الله تعالى، و كنت قلت لكم بصراحة و وضوح بأن نظرتي للأمور لا أحتكم فيها إلى تلك الفلسفات الدخيلة على ثقافتنا، و بالتالى فأنا لا أحكم على أي شخص - وفقا لتلك الفلسفات - بأنه ديكتاتور أو أنه ديمقراطي! أو غير ذلك من المسميات و معايير التقييم الدخيلة على ثقافتنا و التي تم وضعها بشكل مبهم كي يضيع معها الإنسان الذي يريد أن يحتكم إليها !
لقد غدونا للأسف الشديد - الصغير منا قبل الكبير - نصدر أحكاما و نقيم أشخاصا وفق فلسفات خائبة، و وفق كلمات مستوردة أوردتنا المهالك و جعلت حياتنا مهزلة و سخف، و قد وقعنا على إثرها في مطب صراع! و أدى الأخذ بها إلى تشرد الكثير منا، كما و بدت حياتنا أضحوكة العالم
و إذن - أيها الأحباب - الفارق بيني و بين صديقي الذي أنكر علي عدم الوضوح في مواقفي و آرائي! أن كل واحد منا ذهب ينظر إلى المسائل العالقة في حياة أمتنا من وجهة نظر مختلفة و متباينة! ففي الوقت الذي يحتكم فيه صديقي في تقييمه للأمور و في بناء سلوكه و منطقه على التسليم بسلامة الكلمات المستوردة باعتبارها معيارا لتقييم المسائل و المواقف و منطق الأمور ، بينما كنت أنا أنظر إلى الأمور باعتبار الكلمات المستوردة التي رحنا نعاير إليها منطقنا على أنها كلمات خرقاء لا تستحق أن تكون مثالا تستقيم به و معه أمورنا.
- و كتب: يحيى محمد سمونة -

هناك تعليق واحد: