أولى مشاركاتي في حديقتكم اليانعه
بقايا شتاء
لاحتْ على غرةٍ من ليلِ تشرين ...
تلاطفُ البدرَ بالألحانِ تُغريني
وترسلُ الشوقَ باقات معطرة
نحو السماءِ فتغفو في بساتيني
تبث لليل شجواها فيعبرني
صباً ليدفئ أحلامي ويُشجيني
وأعلنتْ سرَّها للنجم حين غفا
لم تدر أن خفوت النجم يسريني
واستوحشت في هجوع الليل فالتهبت
مراجلُ العِطرِ في أقصى دكاكيني
تجيشُ بالعاصف العاتي لموجتها
كنهدةٍ فلتتْ من صدرِ مفتون
تستلهم الجفنَ إخفاقي وثورتها
وتستفيق على أعتى براكيني
وأغرق الصمت أوزاري وفتنتها
وغرَّ روحي سراب بات يشقيني
وحامَ جرحي على جدرانِ معبدها
ورفرف الحُلمُ كالبشرى يداويني
وهام طرفٌ غزاه الوجدُ عن عمدٍ
فمدتْ الكفَ نحو النور تُرضيني
لترسم الحرفَ فياضاً بلوعتها
ومن قوافي أريج البوح تهديني
وتستبيحُ خيالاً زارها شغفاً
تملي عليه مراسيمَ السلاطين
تسقيه أشهى رحيقا من مباسمها
شهداً جنياً كأحلامِ المساكين
يا قطعة من جبين الشمس تنسجها
أنامل الحسنِ في كفِ الشياطين
تميلُ نحوي بنيران الجفا أمداً
وتارةً بوعودِ الوصل تلهيني
ياروضة جمعت للعشق أوعيةً
تفيضُ من عرفها كلُّ الرياحين
لمن ينابيع هذا النهر ناضحةٌ
إن كان قد مُنِعَتْ عنه طواحيني
لمن عصافيرُ هذا الروض صادحةٌ
وقد توارت عن الأنظار تعصيني
لمن خمائل هذا الزهر قد رقصت
إن لم يكن لي بها حظٌ يواسيني
لمن جدائلُ كالأغصان قد ظُفِرَت
ويلمع المسكُ منها كالنياشين
لمن قلائد شعري سوف أُلبِسُهَا
لمن سأسجعُ بالفصحى تلاحيني
أنا المساءُ إذا هاجت خلاخله
وأنتِ غايتهُ الأسمى فغلّيني
أنا الصبابةُ تغلي في مخادعها
وأنتِ كوثره المرجوَ فاسقيني
أنا قصيدة شعر فات موعدها
وأنتِ حرفٌ عصيٌ في دواويني
أنا نبيذٌ مسجى تاب عاصره
وأنتِ عنقود كرمٍ رامَ يُغويني
أنا بقايا شتاءٍ لم يعدْ نَزِقاً
وأنتِ موجةُ بردٍ في شراييني
ألقيت أشرعتي في دربها علنا
قالت كفاك ضلالا قلت دلّيني
قالت أمامك درب عز مسلكه
فقلت ظنك أنّي إبنُ يومين
أنا أنا عنفوان الحب نشوته
الأعتى وأنتِ المهد يحويني
تناول الورد خديها على خجل
وحدثتني حديث العين للعين
وأحرقت بهدوء طوق أجنحتي
فقلت في حمق بالله زيديني
تلك التي قيدتني في حبائلها
من سوف ينقذني منها ويحميني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق