الجمعة، 30 أكتوبر 2020

لغتنا الجميلو // مطبات و عيوب في القافية // بقلم الشاعر خالد خبازة

 لغتنا الجميلة

مطبات و عيوب في القافية 

متى تكون هاء الضمير رويا .. و متى لا تكون كذلك

بناء  على رغبة و طلب من عدد من الأصدقاء الشعراء أعيد نشر مقالتي هذه سعيا الى الوصول الى الأمثل في النظم و القافية 

ما دفعني الى كتابة هذا الموضوع .. أنني .. و بصفتي رئيسا لبعض لجان التحكيم والمسابقات في عدد من المجموعات الشعرية .. لاحظت أن كثيرا من الزملاء الشعراء ما كانوا يقعون في أخطاء و عيوب في القافية خاصة فيما يتعلق بحرف  الهاء المضمر .. اذ أن الكثير منهم كان يعتبرها رويا في الوقت الذي لا يمكن أن تكون فيه كذلك .. .. اذ أن لهاء الاضمار قواعدها الخاصة

و لكي تكون هاء الاضمار  رويا .. و لا بد للشعرءا الناظمين على قواعد الفراهيدي من ملاحظة ذلك .

 

ففي احدى المجموعات الأدبية التي كنت أتابع فيها و أراجع مشاركات بعض المشاركين في مسابقة شعرية لتقييمها .. لفت نظري مدى الأخطاء التي وقع فيها جميع المشاركين تقريبا فيما يتعلق بهاء الاضمار .. مما دفعني الى تبيان قواعدها التي يجب الالتزام بها .

و قد لفت تظري ايضا و  من خلال متابعاتي وتقييمي للكثير من المشاركات الشعرية كما لاحظت أن قلة من الشعراء من يهتم بأمور القافية و حروفها و قواعدها و أوزانها

اذ يعتبر الكثير من الأخوة الشعراء مع احترامي للجميع أنه بمجرد أن يكون وزن البيت الشعري صحيحا مع قافيته .. كان البيت بمجموعه سليما .

لا أيها السادة ..فالأمر ليس كذلك 

  اذ أن للقافية قواعدها و علومها و أوزانها التي تختلف.. و هي مستقلة في علومها و قواعدها عن أوزان الخليل الى حد ما بالرغم من ارتباطها بهذه الأوزان ارتباطا كاملا لا انفكاك لها عنه ..

الا أنه يبقى للقافية قواعدها المستقلة و حروفها التي يجب احترامها .

أضرب لذلك مثلا :

نحن نعرف أوزان الفراهيدي و تفعيلاته كاملة .. سأتي لكم بأمثلة :

لنفترض أن قوافي أبيات قصيدة ما قد انتهت بروي واحد و لنفترض أن حرف الباء هنا هو الروي فيها .. كما يلي :

يقول المتنبي من الطويل :

أعيدو صباحي فهو عند الكواعب

...................... و ردوا رقادي فهو لحظ الحبائب

و يقول ابن الرومي .. من الطويل ايضا

طربت و لم تطرب على حسن مطربِ

..................... و كيف التصابي بابن ستين أشيبِ

فلنر  ماذا في  قافية البيتين المكورين

نلاحظ فبهما أن ..

الوزن واحد وكلاهما من الطويل و الروي واحد أيضا هو حرف الباء المكسور 

و قد انتهى البيتان بالتفعيلة " مفاعلن " 

هل من الممكن القول أن القافية في البيتين واحدة بالرغم من ذلك ؟؟ 

طبعا لا . فكلا القافيتين مختلفتان  بالرغم من استقامة و تماثل الوزن

أيضا

 

لو أننا وجدا القافية في بعض الأبيات  كما يلي

منصف ..   على وزن ..  فاعلن

عاصف..     كذلك  الوزن نفسه  ..   فاعلن

أو

رؤوف ..  على وزن  ..   فعول

شغاف  ..   كذلك الأمر  .. فعول

فلو أننا نظرنا الى هذه القوافي في الأمثلة السابقة ..نرى أنها موزونة فعلا تمشيا مع أوزان أبياتها .. والروي واحد .. الا أنها اختلفت من حيث كونها قافية .. فلا يمكن أن تجتمع في قصيدة واحدة .. " حبائب  و اشيب  " أو "منصف و عاصف " أو " رؤوف و شغاف " الا أن تكون معيبة

هكذا اذن فان للقافية قواعدها التي يجب الالتزام بها .و هي غيرها قواعد الفراهيدي .. و ان هي ارتبطت بقواعده بصورة لا انفكاك فيها .

و بالعودة الى الهاء المضمرة

كنا في احدى المسابقات الشعرية قد اخترانا الأبيات التالية للعمل عليها و مساجلتها .. فماذا  كانت النتائج ؟

ان التي زعمت فؤادك ملّها ... خلقت هواك كما خلقت هوى لها

بيضاء باكرها النعيم فصاغها ... بلباقة فأدقها و أجلّها

منعت تحيتها فقلت لصاحبي ... ما كان أكثرها لنا و أقلها

اني لأكتم في الحشا من حبها ... وجدا لواصبح فوقها لأظلها

و يبيت تحت جوانحي حب لها ... لو كان تحت فراشها لأقلها

ضنت بنائلها فقلت لصاحبي ... ما كان أكثرها لنا و أقلها

أجل .. 

لقد كانت جميع المشاركات معيبة من حيث القافية .. اذا اعتبر أكثر المشاركين أن الهاء هي الروي 

و الأمر كما قلنا .. ليس كلك 

فلكي تكون هاء الصمير رويا يجب أن يسبقها حرف ساكن .ز كالألف او الياء أو الواو 

أما اا كان ما قبلها حرف متحرك .. فالحرف المذكور لا بد أن ييكون هو الروي .. و الهاء وصلا و الألف خروجا .. كما ذكرنا

في هذه الأبيات أي أبيات المسابقة المذكورة .. نرى أن الحرف الذي سبق حرف الهاء المضمرة هو حرف اللام المفتوحة .. أي أن هذا الحرف هو حرف متحرك ... وجاء بعده حرف الهاء المضمر 

و نلاحظ أن جميع الأبيات يتكرر فيها حرف اللام قبل هاء الاضمار حيث التزم الشاعر بها

فهاء الضمير هنا  ..  سبقها حرف متحرك .. و بالتالي لا بد أن يكون هذا الحرف المتحرك هو الروي .. و حرف الهاء هي الوصل .. و الألف بعدها هو حرف الخروج

في حين .. لو أن حرف الهاء المضمر سبقه حرف ساكن .. هنا يمكن اعتبار حرف الهاء المضمر رويا .. 

أنا كما تلاحظون أكرر المعلومة للتأكيد عليها تماما

مثال آخر

قصيدة " سلوا كؤوس الطلى " لأحمد شوقي التي يقول فيها :

سلوا كؤوس الطلى هل لامست فاها

........................... و استنطقوا الراح هل جفت حميّاها

مشت على الروض تسقيني بصافية

........................... لا للمدام و لا للشهد ريّـــــــــاها

حديثها السحر الا أنه نغم

.......................... جرت على فم داوود فغناها

نلاحظ في هذه الأبيات أن الألف و هي حرف ساكن جاء قبل حرف الهاء المضمر .. فكانت هاء الضميرهنا  هي حرف الروي

وكذلك قول أحمد شوقي في قصيدة أخرى

حنّوا اليها كما حنت بهم زمنا

......................... و أوشك البين يبليهم و يبليها

مشتتين على الغبراء تحسبهم

...................... رحالة البدو هاموا في فيافيها

لا يقرب اليأس في البأساء أنفسهم

................ و النفس ان قنطت فاليأس يرديها

هنا أيضا نلاحظ أن حرف الياء الساكن سبق حرف الهاء المضمر فكان هذا الحرف هو الروي

اذن فان القاعدة في القافية أن هاء الضمير لا تكون رويا الا اذا جاء قبلها حرف ساكن

أما اذا كان ما قبلها حرف متحرك .. فهذا الحرف المتحرك حتما هو حرف الروي .

تقبلوا تحياتي القلبية

......................

خالد ع . خبازة

اللاذقية



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق