السبت، 17 أكتوبر 2020

لغتنا الجميلة// الشاعر خالد خبازةعن عدد من كتب التراث

 لغتنا الجميلة

البحث الثاني عشر

في الشعر و النظم .. و الجوازات و الضرورات.. و فقا لما ورد في كتب التراث العربي .

القسم الأول

يقول كعب بن زهير :

ما أرانا نقول الا معارا ... أو معادا من قولنا مكرورا

كثيرا ما يقوم بعض الشعراء بالغزو و السطو على انتاج الآخرين و ينسبونها لأنفسهم ظلما و عدوانا

و لكن اذا أخذ الآخر ( الشاعر أو الأديب ) من الأول المعنى ، فزاد فيه ما يحسنه و يقربه و يوضحه ، فهو أولى به من الأول ، و ذلك كقول الأعشى

و كأس شربت على لذة ... و أخرى تداويت منها بها

فأخذ هذا المعنى الحسن بن هانئ ، فحسنه و قربه ، اذ قال :

دع عنك لومي ، فان اللوم اغراء ... و داوني بالتي كانت هي الداء

و قال القطامي

و الناس من يلق خيرًا قائلون له ... ما تشتهي ، و لأم المخطئ الهبل

أخذه من قول الرقاشي فقال :

و من يلق خيرا ، يحمد الناس أمره ... و من يغو ، لا يعدم على الغي لائما

و قال قيس بن الخطيم :

تبدت لنا كالشمس تحت غمامة ... بدا حاجب منها ، وضنت بحاجب

أخذه بعض المحدثين فقال :

فشبهتها بدرا بدا منـــــــه شقة ... و قد سترت خدا فأبدت لنا .خذا

و أذرت على الخدين دمعا كأنه ... تناثر در أو ندىً واقعَ الوردا

فلم يفسد الآخر قول الأول ، و لم يكن الأول أولى بالمعنى من الآخر .

فيما يجوز للشاعر استعماله وما لايجوز وفقا لكتب التراث

و الذي يجوز للشاعر المولد استعماله في شعره من الضرورة ، هو جميع ما استعمله العرب في اشعارهم من الضرورات ، سوى ما استثني منها ، و ما سنبينه لاحقا . و المولد في ضرورات شعره ، و ارتكاب صعابها ، أعذر من العربي الذي يقول في لغته بطبعه .

أما الذي لا يجوز للمولد استعماله ، و لا يسامح في ارتكابه ، فهو جميع ما يأتى عن العرب لحنا لا تسيغه العربية ، و لا يجوّزه أهلها ، سواء كان في أثناء البيت ، أو في قافيته ، فان اللحن لا يجوز الاقتداء به ، و لا النزول في شُعَبه .

فمن ذلك اللحن الذي سموه جرّا على المجاورة (الجر ). قال الشاعر :

فيا معشر الأعرأب ان جاز شربكم ... فلا تشربوا ما حج لله راكبِ

شرابـــا لغزوان الخبيث فانــــــــــه ... يناهيكم منه بأيمــــانِ كاذبِ

و هذا لحن قبيح ، و صوابه : ما حج لله راكبُ بالضم و ليس بالكسر .

و قال الآخر :

أطوف بها لا أرى غيرها ... كما طاف بالبيعةِ الراهبِ

جعل الراهب مجرورا على الجر ( لفظة الراهب جاورت لفظة البيعة المكسورة ) وهو لحن قبيح ، و صوابه : كما طاف بالبيعةِ الراهبُ .

و قال آخر :

كأن نسج العنكبوتِ المرمّلِ

و صوابه : المرمّلا . صفة للفظة " نسج " .. و أما قول الآخر :

كأنما ضرّبت قدام أعينها ... قطنا بمستحضر الأوتار محلوجِ

و صوابه محلوجا .. صفة  للفظة "  قطنا " .

و كل ذلك ، انما أتوا به بناء على ما ورد عن العرب من قولهم :

هذا جُحْرُ ضبٍّ خَرِبِ .

و ليس الخرِبُ  اذ ليست هي صفة للضب ، و انما .. صفة للفظة جحر

قال الخليل بن أحمد :

" قولهم : هذا جُحْرُ ضبٍّ خَرِبِ ، انما ورد عنهم عن طريق الغلط ، و الدليل على ذلك ، انهم ثنوا ..  لم يقولوا :

الا جُحرا ضبٍ خَرِبان .

لأن الغلط ههنا يبين ، و انما وقع في الواحد لاجتماع الجحر و الضب في الافراد . و كذلك اذا جمعوا ، فان الغلط يرتفع ، نحو قولك : هذه جحرة ضباب خرِبة . "

و مما لا يجوز للمولدين استعماله ، ما استعمله العرب من التقديم و التاخير ، و الفصل الذي لا وجه لشيء منه ، و لا يجوز للمولد الحذو عليه ، و لا الاقتداء به ، فانه لحن مستقبح ، كقول الشاعر :

لها مقلتا حوراءَ ، طُلَّ خميلةً ... من الوحش ، ما تنفك تُرعى عرارُها

أراد : لها مقلتا حوراء من الوحش ، ما تنفك تَرعى خميلةً طُلَّ عُرارُها . و قال آخر :

فقد و الشكُّ ، بيّن لي ، عناءٌ ... بوَشْكِ فراقهم ، صُرَدٌ يصيحُ

أراد : فقد بين لي صرد يصيح ، بوشك فراقهم و الشك عناء .

و قال الآخر :

فأصبحت ، بعد خَطّ بهجتها ... كأن قفرا ، رسومَها قلما

أراد : فأصبحت بعد بهحتها قفرا ، كأن قلما خط رسومها .

و مثل ذلك كثير ..

و قد ترى ما في هذه الأبيات من الفصول و التقديم و التأخير ، و مثل هذا لا يجوز للعرب المتقدمين ، فضلا عن المولدين المتأخرين ، و لا يجوز لأحد أن يتخذه رسما يعمل عليه .

.....

خالد ع . خبازة

اللاذقية

عن عدد من كتب التراث

 


 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق