الكــــتابة علـــى الجـــــدران
-------------------------------------
هو ذا منزله.. يداه تمتدان في عصبية الى النوافذ لتغلقها وتمتدان الى الجدران لتتمسح عليها. نظر الى السقف الى الارضية. الطاولة تتوسط الغرفة فوقها قدح ماء فارغ وزجاجة وقطعة قماش سوداء، جدران الغرفة بيضاء لامعة سيودعها هذه الليلة ويسيح في مناكب الارض, لن يقفل الباب هكذا، ويخرج، لن يترك ارضية الغرفة والجدران كما هي. ان هذا ضرب من الرتابة والموت عليه ان يتحرك وينتقم من اللحظات الحرجة ،يترك اثرا بعد غيابه سيطرقون الباب بأرجلهم ويفتحون منزله. عليه ان يكتب على الجدران، انكم غزاة، انتم قمامة. كانت الحروف تمتد امامه، اساريره تنطلق وهو يعيد قراءة ما كتب. اطرق لحظة ثم عاد يكتب في كل جزء من الغرفة ، لكنه لم يتغلب على احساسه بالخوف، فقد بقي قلبه ينبض بشدة ، واصابعه ترتعش. كان شعور بالانتقام يدّب في صدره ، كلما تحركت اصابعه، كلما كتب، كلما سمّر عينيه في ما كتب، احس بعنصر جديد من الغرابة الجميلة يهدم في افقه. الحياة لا تطاق في بلده سيظل يحمل قلبه بين يديه سيظل يتلفت. ان الذي يدفعه للهجرة هو كرهه لهذا الضيق الذي يشعر به، لذلك سيذهب سيطير بنفسه، واخيرا كتب " الفجر يولد من خلف الظلام " سنحمل مصيرنا بأيدينا.
: ايتها الدار التي اودعك الان. كم احببتك ، كم سأظل احبك:
كان يمشي وينعرج من زقاق لآخر ، بدأت لكل المنازل المظلمة تقترب منه وبدأ يقترب منها، والقطط تنظر اليه بعيون براقة ولا تحاول الهرب منه. احس ان المرارة تغمر كيانه، شعر بطعم غريب في فمه احس بالحسرات بالخيبة ، خرج فارغا من كل ممتلكاته. كان يلهث حين خرج، انه لن يستطيع ان يعيد الاحداث الى الوراء لن يعود الى منزله.
*********
المفرجي الحسيني
الكتابة على الجدران
العراق/بغداد
27/9/2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق