قال ابن زيدون
أضْحَى التّنائي بَديلاً عنْ تَدانِينَا،
وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا
فقلت
أشدّ ما في الهوى بُعد المحبينا ونأي من ظلّ طول الدهر يصبينا
ما عاد يسعدُنا شيءٌ نسرُّ به
مذ بات ذكر جميل الذكر يؤذينا
كان الزمان يغالي في محبّتنا
فصار مذ بعُدت أعدى أعادينا
أحبب بعهد مضى بالخير نذكره
به مديحة من أحداث ماضينا
آهٍ على زمن كان الحبيب به
تحت القوادم نخفيه ويخفينا
كم كان يشرب صفوا من محبّتنا
وللمحبّة بالإخلاصِ يسقينا
كان الزمان على ما فيه يجمعنا
مع الحبيب فنفديه و يفدينا
والآن جاء زمان منه يحرمنا
ولا أراه من الأحباب يدنينا
يا من تجاهل أمرا ليس يجهله
وضنّ بالوصل إن حل النوى فينا
سلّ الزمان سيوفا كي يفرّقنا
وفي تصدّي النوى تنبو مواضينا
و هدّ ما كان مبنيّا كناطحةٍ
وصار من حقده يُفني تفانينا
لسْنا نخاف الردى إن جاء نكرمه
وقد عشقنا النوى مذ ظلّ يردينا
لكنْ أضعنا بهذا الكون جوهرة
ضمّتْ بداخلها اسمى امانينا
ضاعت فضاع سنا من بتّ أبْعِده
والنفس تُبْعد من تهوى أحايينا
أضعْتها بيدٍ عسراءَ ظالمةٍ
ضياع أندلس ينوي فلسطينا
فذاب قلبي بما في القلب من ألمٍ
وشاب رأسي ولم أبلغْ ثلاثينا
و عُدْت أندب في حظي وفي قدري
وصرتُ أبغض عشرينا وعشرينا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق