ذكريات بطعم النشيج
(دموع)
كنت أشعر بوجع كبير، ليس في جسدي بل في روحي، كان الوجع هذا يدفعني للبكاء كثيراً، لم يكن لنشيجي وقتاً معيناً، والعجيب في الأمر أنه ماكان لديّ نافذة أحطّم زجاجها وأنا أبكي،ولا طاولة أطرق بأصابعي على حافتها قبل الشروع بكل نوبة بكاء، كان لدي فقط دموع، دموع بهذا الحجم، حتى أنها قد تملأ بحيرة !.(تمت)
(الموت الغبي)
قال لي :
_اذاً، كيف سأشرح الأمر لكْ ، كانت تضع رأسها هنا، لا ليس على المعطف، بل هنا، نعم مكان القلب تماماً، أحياناً كانت ترفع رأسها، تلتفت صوبي، تهمس :
_بالكاد قلبك ينبض، هل أنتَ مريض. اجاهد أن لا تفضحني ملامح وجهي وأنا أرد :
_كلانا حديد، قلبي وأنا. اقول ذلك وأضرب بقبضتي مكان القلب، يسترخي رأسها الفاتن مجدداً، لكن الأمر لايستغرق طويلاً، سرعان ماتلتفت صوبي وقد عَقدتْ أجمل حاجبين :
_لا تعجبني نبضات قلبكْ، في المرّة القادمة سأعرف حتماً. تباً لي، كان بودّي أخبارها عن مرضي،كان بودّي أن أفعل ذلك حقاً ، لو لم يخطفها الموت مني مثلاً.(تمت)
(تلميذ فاشل)
لم يكن مساءً مشبعاً بالنسيم البارد، فرطوبة الجو جعلتني بالكاد اتنفّس، كنت قد وعدتُ حبيبتي بالحضور، تشبثتُ بحافة السور الذي يطلُّ على سطح بيتهم، كان الأتفاق أن أنزوي مثل جرذ في إحدى زوايا السطح حيث تتكدّس الأنقاض، ما أن وضعتُ ساقي حتى شَعرتُ بمن يسندني من الخلف، قلت:
_تباً لكِ ولمواعيدكْ، نوبة الربو هذه تكاد تخنقني. لم أسمع إلا دمدمة صاحبها فحيحٌ غريب، حين التفتُ كان أبيها الفارع الطول يقف أمامي وقد اشتعلتْ عيناه غضباً، قال وهو يدفع بي للخلف حتى الصقني بالسور :
_قبل أن أحطّم رأسك ياولد، أريد تفسيراً لكل هذا، تكلّم يا حيوان!. لم يكن ثمة ريق ابتلعه، كل ماحولي أصبح جافاً، قلت :
_ياربي العزيز، أين أنا؟ هذه أعجوبة حقاً، كيف وصلتُ إلى هنا، لقد كنت نائماً مثل ملاكٌ طيب. جذبني الرجل الفارع نحوه، بأن أمسك بشعري من الخلف، قال وهو يتنفّس في وجهي :
_تعني أنك كنت تحلم، هل هذا ماتحاول اقناعي به؟ حلم ها، سنرى ما سيقول أباك بشأن ذلك. ما أن سمعتُ بأسم أبي، حتى تهاوى جسدي بين يديه، وانبثق الدمع، قلت وأنا أنشج كما لم أفعل من قبل :
_ أبي يعرف، بل كل المنطقة تعرف أني أسير في أغلب الوقت أثناء نومي، الا تعرف أنتَ بذلك يا سيدي، ألم يصل لك خبر بشأن ذلك وأنتَ جارنا وصديق أبي المفضّل؟ . وجدتُ الرجل يحملق بي رغم الظلام، تراختْ اصابعه وافلت رأسي، قال :
_لا حول ولا قوة الا بالله، طيّب سأتغاضى عن الأمر هذه المرة، هيا تسلّق وعُدْ من حيث أتيت ، سأتخيل انك مازلت نائماً وأنتَ تفعل ذلك!. أخذ جارنا يراقبني بدقة حين نشرت ذراعي الأثنتين للأمام، رفعتهما بصورة آلية وأخذتُ أتشبثُ بحافة السور، سمعته يهمس :
_ولدٌ ملعون، ملعون. بالكاد كتمتُ ضحكة كبيرة كادتْ تفلتُ مني، ما أن أصبحتُ في أعلى السور حتى استدرتُ صوبه وأنا شبه مغمض العينين، وعندها انطلقتْ الضحكة من فمي ومعها انطلقتْ يد الجار الشبيهة بالمطرقة، وجدتُ نفسي اتلوى على بلاط سطحنا، كلفتني ضحكتي الغبية ثلاثة أشهر قضيتها بساق مجبورة ، لكني لم أتعلم الدرس، ومازلت أسعى . (تمت)
بقلم /رعد الإمارة /العراق /بغداد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق